للثقافة مشاربها المتنوعة وأنواعها الكثيرة في هذا العالم الشاسع الجميل. ثقافات غربية وشرقية وبين البين. منفتحة ومنغلقة. ثقافات إنسانية وثقافات شوفينية وعنصرية. ثقافات تمجد البناء وحب الحياة. وثقافات تدعو للموت وهدم الأوطان. ثقافات تدعو للاحتقان والريبة والإيمان بنظرية المؤامرة وسكب البنزين على رماد العداء التاريخي الأبدي وشهوة الانتقام. ثقافات تبرر للقتل والابتزاز وتعذيب الإنسان لأخيه الإنسان. ثقافات تدعو لحوار الأديان وتلاقح الأفكار والتعايش السلمي بين البشر، وأخرى تدعو للتقوقع والتربص وتمجيد الذات والنكوص للماضي. ثقافات تدعو لتكريس الحب الإنساني، واحترامه بعيدا عن اللون والعنصر والدين والعرق. • • • اليوم، تجد هناك من يوظف الدين لغايات دنيوية، لأهداف اقتصادية بحتة من أجل الكسب المالي والتورم التجاري، بتسويق مقولات: كالصيرفة الإسلامية مثلا.. أو لأهداف سياسية للوصول إلى سدة الحكم والجلوس على كرسي الرئاسة / الزعامة.. إلى حد أن سلوكيات بعض الإسلامويين اليوم تتماشى مع مقولات السيد نيكولا مكيافيلي السياسية/ صاحب المقولتين الشهيرتين: (الغاية تبرر الوسيلة). و(إن الدين ضروري لا لخدمة الفضيلة فقط ولكن لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس).. فهؤلاء الذين يخطفون الأبرياء والنساء والأطفال في بعض البلاد العربية والإسلامية، والذين يهللون ويكبرون أثناء نحر الرهائن العزل كما تنحر الخراف. فينشرون ثقافة الذعر والخوف من كل ما هو إسلامي في كل العالم، خاصة في تلك الأشكال النمطية التي تكرست، والتي أخذت صورة (لحية كثة وثوب قصير)!. ستقول إن كل هؤلاء بعيدون كل البعد عن قيم الإسلام الحق والسمح الذي يقوم على مبدأ الاختيار الحر الذي يقول: (لست عليهم بمسيطر)، بعد أن سقط زيفهم وتكشفت أقنعتهم وأهدافهم في جمع المال بأي شكل من الأشكال: بالسلب والنهب والابتزاز وطلب الفديات التي تقدر بملايين الريالات كما حدث أخيرا مع الرهينة عبد الله الخالدي نائب القنصل في عدن، والمختطف من قبل تنظيم القاعدة في اليمن.. • • • نعم كلنا ضد الإرهاب. ولكن كي نحمي أولادنا وإخوتنا من الوقوع في كمائن الإرهاب والإرهابيين والدجالين، علينا بالسماح، بإيجاد برامج ثقافية إنسانية وترفيهية، تشجع على الإنتاج الإبداعي الجاد بما يعني أن نجد الكتاب والمحاضرة واللوحة والمسرحية والفيلم والأغنية. لاشك أن للكتاب والمحاضرة جمهورا كبيرا، ولكن طريقة عرض وتوصيل المادة الثقافية تحتاج إلى أساليب جديدة ومبتكرة ذات إمتاع كي تصل بسرعة وإلى جمهور كبير، وهو ما يناسب فن السينما والمسرح والموسيقى.. وهذا يحتاج إلى وجود بنية أساسية كوجود المسارح ومعاهد الموسيقى. لذا على الدولة أن تكون حاضنة وراعية ومراقبة عن بعد. وعلينا مراجعة تجارب الدول الأخرى في ذلك. نجد الدولة توجد التشريعات المنظمة وإجازة النصوص ورقابة الأداء بهدف عدم الخروج على النص والذوق العام. الشاهد أن الثقافة العصرية المنفتحة قادرة على مواجهة الإرهاب والتطرف، وتحجيمه أقصد (فكريا) وعزل أهله، وذلك بما تحتويه من فنون متعددة مغرية وغير ثقيلة على قلب الشاب. ولكي نصل إلى ذلك نحتاج إلى نهضة ثقافية وطنية تسمح للمستهلك بأن يجد الكتاب والمحاضرة والأغنية والفيلم والمسرحية في كل زمان ومكان، متى أراد أن يقضي وقتا جميلا بعيدا عن حصار الاستراحات وبرودة الغرف الضيقة والمغلقة ودروس التلقين والغزوات. [email protected]