بعد الانتهاء من صلاة العيد في المسجد، انبرى الصبي سريعا يركض في طرقات القرية، ركضت البيوت معه من فرط فرحتها بدا بثوبه الجديد كحمامة بيضاء تريد التحليق في سماء القرية، يدس يده في جيبه الفارغ يحس بالنشوى لتلك اللحظة التي سيمتلئ فيها جيبه بالريالات.. عاد إلى البيت، سمع صوتا قادما من حظيرة الدجاج الموجودة قرب الباب، أطل عليها، لترتسم على وجنتيه الفرحة ممزوجة بالدهشة لتلك الصيصان الصغيرة التي فقست من بيضتها، فكم ظل طوال أيام وليالي شهر رمضان ينتظر لحظة تفقيسها من بيضتها لكنها فقست قبل موعدها!! هي منحة من الله على الكائنات في هذا اليوم... انتشى فرحا وجرى نحو أمه التي كانت تعد طبق البلاليط التي اعتادت إعداده صباح كل عيد.. بدت وكأنها علمت بالأمر ، قبلت الأم ابنها ومدت له بعشرة ريالات، انطلقت أسارير وجهه، وتطلع لما هو قادم.. بعد قليل أقبل الأب مع إخوانه الكبار عائدين من صلاة العيد وجلسوا جميعا يأكلون البلاليط باشتهاء، والريالات تغدق عليه من أخوانه وأخواته. وكلما أعطوه مالا دسه في جيبه حتى بدا متكورا، وصل عددها إلى المئة، بعدها فكر الذهاب إلى بائع الألعاب ليشتري لعبته المفضلة، راح يركض وقلبه يخفق مبتهجا، ولم يدر أن ريالاته تهبط إلى الأرض من جيبه المثقوب، وتطير من الهواء الذي يخلفه وراء ركضه.. انتبه لذلك عندما أراد أن يحاسب البائع أجر اللعبة، عندها عاد وهو يتساءل بحنق كيف ترك الخياط جيبه مفتوحا.