لم تكن أغنية صوت الأرض طلال مداح يرحمه الله «وردك يازارع الورد» إلا صدى لتلك الأيام الجميلة في ربوع الطائف المأنوس، فالحديث عن ذلك الماضي الجميل تجده مختوما بآهات من عاش تلك الأيام الخوالي لمدينة العنب والرمان، في ربوع شهار ووادي وج والمثناة، فالدراسة الثقافية ثرية جدا لذلك المكان الذي طرزه كبار الشعراء من العصر الجاهلي لتلك المدينة المحاطة بالأساطير بدءا من اسمها الأسطوري، وصولا إلى رائعة خالد الفيصل «لا تقول إن الليالي فرقتنا» التي يرسم فيها صورا من ذلك المكان الذي عشقه حتى الثمالة. الحديث عن الماضي شيء جميل والأجمل منه أن يأتي الحاضر بأروع منه، ولكن أن تشاهد مدينة سياحية بامتياز كالطائف تعاني من برود سياحي هنا تحدث الصدمة، فنحن نعيش هذه الأيام «مهرجان الورد» في مدينة تحتفي بالورد شعارا لها، ونتعجب أن يكتفي الاحتفال بهذا المنتج السياحي في حديقة واحدة، وشعارات خجولة متناثرة هنا وهناك، وكأن هيئة السياحة والآثار في الطائف تنادي بالفزعة في كل مناسبة تعيشها تلك المدينة من الدوائر الحكومية في مدينة سياحية تدر المليارات لو أراد موظفو السياحة فيها ذلك!!. يفتقد معظم العاملين في السياحة والآثار حرفية ومهنية العمل في هذا القطاع الحيوي، فعندما تسافر تجد الفرق الهائل بين هنا وهناك، فهناك مثلا قرى تقوم على حرفة أو معلم أو أثر سياحي واحد فقط، يدر على أهل تلك القرية الملايين، بينما تمتلئ مدينة مثل الطائف بآثار في شمالها، ومزارع للورد في الهدا والشفا، وبجمال جوها، وتوسط موقعها، ومع ذلك نجدها مدينة جافة في التعامل مع مقوماتها السياحية، وكأن قدرها الهدر السياحي دائما لكل ما هو جميل بداخلها، فالجحود الذي تعيشه مدينة الجمال ليس قدرا صنعته بنفسها إنما هي لوحة نفيسة مع من يجهل التعامل مع أبجدية الألوان!، هذا ما تئن منه الطائف فهل من منقذ ؟.