يعاني قسم العلوم السياسية في العالم العربي من الإهمال وضعف المخرجات وإن كان ذلك يتفاوت من دولة لأخرى. للخوف من العلوم السياسية تاريخ قديم عند العرب، ويفصل علي عبد الرازق في كتابه (الإسلام وأصول الحكم) أسباب إهمال العرب العلوم السياسية؛ فيقول: حظ العلوم السياسية مقارنة بالعلوم الأخرى هو الأسوأ فلم نعرف للمسلمين في تاريخ الحركة العلمية مؤلفا ولا مترجما في السياسة، ومع أن العرب مولعون بما عند اليونان من علم إلا أنهم أهملوا النظر في كتاب الجمهورية لأفلاطون وكتاب السياسة لأرسطو مع إعجابهم به وتسميته بالمعلم الأول، ولم يترك علماؤنا الاهتمام بالعلوم السياسية غفلة منهم ولكن لسبب وهو أنه مع كون الخلافة عند المسلمين ترتكز على رغبة أهل الحل والعقد إلا أن الواقع يقول إن الخلافة في تاريخ الإسلام تقوم على أساس القوة الرهيبة، ولا شك أن علم السياسة هو من أخطر العلوم على الملك بما يكشف من أنواع الحكم وخصائصه وأنظمته. واقع ضعف قسم العلوم السياسية وتراكمات أسبابه لابد يطرح في هذا الوقت بالذات بعد قيام الثورات وعودة الإيمان بإمكانية التغيير للأفضل لدى الشعوب، فكما يقول أحد أدباء أوروبا بعد ثورة الباستيل جمعنا والدي وقال: « إذا فشلتم بعد اليوم فلا تلوموا إلا أنفسكم ».. وبما أن الحكومات غيرت من بعض سياساتها بعد الحادي عشر من سبتمبر فالأولى أن تعد هذا الربيع العربي حدثا مفصليا وتعيد النظر في بعض الأمور وخاصة في وضع العلوم السياسية وممارستها على الأقل في نطاق ضيق بداية مثل السماح بتشكيل اللجان الطلابية، وإتاحة الفرصة لتفعيل منتجات هذا العلم وتوظيفه لفهم الواقع، والتعامل معه كأداة تحسين وتطوير والكف عن نظرة التوجس منه.