في رامته المحاكية للأزمنة الساحقة والعصور الغابرة، والمتكئة على جبل «توارن» تقف الرامة شامخة رغم تهدم الأطراف الطينية، تحتضن عبق الماضي الأصيل لتبوح به لزائرها، قائلة هاهو أبو الكرم العربي حاتم الطائي يرقد بينكم، وهاهي البطاح المرجانية شاهدة على أثر حصانه وصهيل صوته، يصول ويجول فكان ذا هيبة ومهابة إنه شيخ قوم، يغيث المستجير ويقري الضيف ويفك الأسير.. رحل صاحب الدار وبقيت سيرة سيد الجود والجواد، فتأملت داخل الرامة وخارجها، ورأيتني أنتحي جانبا عن الزائرين لدار حاتم، منفردا أتكئ على صخرة محاذية للدار شاخص البصر لهذه الأطلال الأثرية الخالدة ويعتمل في خاطري هاتف غريب مرددا إياه .. حاتم الطائي. تمثلته شامخا بقامته المديدة مبتسما مرحبا بضيفه. قلت يا أبا عدي، أيها الطائي الشهم، لقد أسبغت علينا صفة حميدة توارثناها جيلا بعد جيل، فدعني أخبرك، حينما كنت للتو في الطريق إليك لكي ألحق بضيوفك وقد تهت في الطريق فاستوقفت يافعا مر بنا لا يتجاوز عمره الخامسة عشرة يجلس خلف مقود سيارته، سألته أين الطريق الموصل لجامعة حائل حيث ملتقى حاتم الطائي، أشار بيده نحو الطريق الصحيح وما أن هممت بالمسير وبرفقتي ابني وائل إلا واستوقفنا يطلب استضافتنا بداره ولو على فنجان قهوة، أكبرت فيه هذه العزة والكرامة وهو الصغير الحديث العهد بالدنيا، فدعني أسألك إيها الطائي ماذا فعلت بنا ؟، والذي ما أن يأتي ذكر المدينة حائل إلا وتنسب لكرمك وشهامتك ونبلك. يالها من ملحمة تاريخية شاهدة من شواهد كرم وعزة نفس وأريحية فاقت بتعدد وصفها وصفاتها، أليس قصة نحره لجواده، دونت في كتب الرحالة الأوروبيين الذين مروا بحائل أمثال: جورج اوغست والن و وليام جيفورد بلغريف وكارلو غوارماني وتشارلز داوتي، وأتت على ذكره الأمثال والأشعار.. هو دليل على كرمه وشهامته، أم نذكر قصة ابنته (سفانة) وقد وقعت في الأسر ودار حوار بينها وبين الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، قائلة إنها سيدة في قومها وابنة حاتم الطائي، ففك الرسول أسرها.. ورأيتني أهتف ببعض معارفي من الضيوف قائلا: أرهفوا السمع أيها الضيوف، تلفتوا يمنة ويسرة واستدعوا التاريخ لحظة، أليس في تواجد في داره وقبره، كأنه يتناهى لمسامعنا صهيل جواده الذي تردد صداه صخور الجبل كلمات حية نابضة مفعمة بالحشمة والوقار في مكارم الأخلاق والسجايا الحميدة التي تناقلت قصصه الرواة لتكون مادة مقروءة ومسموعة، أما حضرنا قبل مجيئنا هنا لداره (توارن) لمشاهدة فيلم وثائقي عنه، في قاعة المؤتمرات بجامعة حائل، أما استمعنا إلى ما قدمه لنا من (تبنى) فكرة هذا الملتقى ألا وهو رئيس نادي حائل الأدبي الأستاذ نايف المهيلب، وزملاؤه في النادي، وقوله عن حاتم في معرض تقديمه لضيوف الحفل (لقد مر من هنا قبل 1500عام، يغيث الملهوف ويفك العاني ويحمي المستجير وإذا قاتل غلب وإن غنم أعطى وإذا سئل وهب.. إنه حاتم الطائي الذي تغنى به الشعراء واشتاق لرؤيته الغرباء). للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 263 مسافة ثم الرسالة