بعد خمس وعشرين جولة كانت جميع الظروف مهيأة أمامه للظفر ببطولة دوري زين، بدد الشبابيون آمال الأهلاويين في ظرف تسعين دقيقة، ليتبخر معها حلم تسعة وعشرين عاما قضاها الفريق في دهاليز الملاعب بحثا عن ضالته، ولأن مهر الدوري غاليا لم يتمكن الأهلاويون من سداده رغم الملايين المنفقة على إدارته الفنية ومحترفيه، فالكرة ليست أموالا، ولا تكتيكا وحسب، بل روح أيضا، وهي مالم تكن حاضرة في ذلك المساء. خرج الفريق الاهلاوي من البطولة كما دخلها خالي الوفاض إلا من حسرات ستضاف ولا شك إلى سجل معاناته مع البطولة الأهم التي لم يستحوذ عليها سوى ثلاث مرات على مر تاريخه العريض رغم ماتزخر به خزائنه من كؤوس ودروع لبطولات مختلفة منذ تأسيسه عام 1355ه، ولولا الخدمة التي إسداها إليه الفريق الاتفاقي بتعادله مع الهلال لخرج أيضا من البطولة الآسيوية المقبلة. والمتتبع لأسباب هذه النهاية المحزنة لفريق كانت البطولة تهرول إليه، في الوقت الذي كان يتباطأ هو في الإلتقاء بها رغم حاجته الماسة إليها، خاصة خلال الجولات الثلاث الأخيرة، يجد الأمر لايخلو من سببين رئيسيين يتمثلان في الجانب الفني ومن ثم الإعلامي: جاروليم .. كحل الهجوم فأعماه فعلى الجانب الفني، وبعيدا عن غياب العماني عماد الحوسني بداعي الإصابة عن اللعب إلى جوار البرازيلي فيكتور سيموس، حيث بهما ومعها احتل الهجوم الأهلاوي قائمة التهديف، ومن الصعوبة أن يلعب أحدهما دون الآخر، لعب مدرب الفريق جاروليم طوال شوط المباراة الأول بالبرازيلي فيكتور سيموس كرأس حربة وحيد في مباراة هو في أمس الحاجة إلى الظفر بنتيجتها..!، وفي الوقت الذي حاول فيه إصلاح ما أفسده خلال شوط المباراة الأول زج باللاعب حسن الراهب مطلع الشوط الثاني إلى جوار فيكتور في تصرف غريب يحسب على مدرب مثله كون المباراة تعد الأولى للراهب خلال هذا الموسم، وفرصة التجريب ليس هذا وقتها، ما نتج عنه عجز مهاجميه عن فتح المناطق الخلفية الشبابية التي كانت بالفعل محصنة بشكل جيد، إلى جانب التوتر والاستعجال وعدم التركيز، ما جعل الكرة الأهلاوية حائرة في العمق الشبابي، فهل كان جاروليم ينتظر دخول هدف في مرماه ليلعب بمهاجمين وهو على أرضه وبين جماهيره؟!. احترافية منقوصة .. أنانية مفرطة خلاف ذلك بدا الأهلي يضعف في الناحية الهجومية بشكل كبير بعد طرد مهاجمه حسن الراهب بالكارت الأحمر في تصرف غريب لاينم عن احترافية، هذا الخروج أثر على أداء فيكتور الذي كان وحيدا لا يعرف ماذا يفعل في منطقة ال 18، يضاف إلى ذلك أنانيته المفرطة، وقد يكون لرغبته في نيل لقب هداف المسابقة دور كبير في ذلك، خاصة أن منافسة على اللقب ناصر الشمراني، كان هو الآخر على الضفة الأخرى حين عادله في نسبة التهديف بهدفه الذي تقدم به الفريق الشبابي خلال مجريات الشوط الأول. وسط حائر عرف عن الوسط الأهلاوي بأنه مفتاح الفوز للفريق، حيث تبادل لاعبوه المتقن للمراكز، إلا أنه في هذه الموقعة كان حائرا، فلم يجد فيكتور سيموس من يدعمه في الألعاب الهجومية نظرا لقلة خبرة الشاب ياسر الفهمي في مثل هذه المباريات وضياع متوسطي الدفاع بين غابة السيقان في منطقة المناورة، بل إن صانع اللعب كماتشو لم يكن في يومه، فقد كانت صناعته للاحتجاجات على حكم المباراة أكثر من صناعته للأهداف. دفاع مقصوص الأجنحة إلا أن الحلقة الأضعف في الفريق كانت تلك المتمثلة في التنظيمات الدفاعاية للفريق، وهو ماحذرت منه صبيحة يوم المباراة، فهذا الخط وللأسف لم يجد أي من المدربين المتعاقبين على الفريق الحل الأمثل لمعاناته، حيث ثبت من مجريات اللقاء الضعف الواضح على عناصره، ووقوفهم على خط واحد، وسوء تغطية الأظهرة، يضاف إلى ذلك انعدام التفاهم بين جفين والمر الذي كانت منطقته ممرا سهلا للهجمات الشبابية، ولولا يقظة الحارس ياسر المسيليم لكانت النتيجة ثقيلة على الفريق الأهلاوي، كذلك عدم جاهزية بالومينو الذي أشركه المدرب قبل الشفاء من إصابته، والأدهى من كل ذلك عدم وصول السيد جاروليم على تشكيل ثابت في خطوطه الخلفية طيلة عمر الدوري. العاقل من اتعظ بغيره يضاف إلى ذلك كله الثقة المفرطة التي كان عليها لاعبو الأهلي إثر التبجيل الإعلامي الذي سبق المباراة، والذي بدوره كان سببا فاعلا في دخول اللاعبين أرضية الملعب وهم ضامنون نتيجة اللقاء لصالحهم، مستغلين عاملي الأرض والجمهور، متناسين في الوقت ذاته أن القوة ليست فيما يكتب، بل في احترام الخصوم حتى لو كانوا أقل مستوى، فما بالنا بفريق كالشباب ينافس على اللقب منذ الجولة الأولى، ماكان له أثره بعد تسجيل الشمراني هدف فريقه الأول، حيث الشد العصبي والشحن النفسي الذي بات واضحا على لاعبي الفريق خاصة الراهب الذي أفسد على الفريق فرحته بعد أن استفزه العبقري ويندل؛ ليرد عليه بضربة رأس داخل منطقة الجزاء الشبابية لم يتوان الحكم الإيطالي باولو فاليري حيالها في إشهار الكارت الأحمر في وجهه، لتتوالى المواقف والأحداث بإشهار الكارت الأحمر الثاني في وجه محسن العيسى إثر احتجاجه على حكم اللقاء، رغم أن الصحافة حذرت منه كثيرا كونه حكم (لا يرحم) كيف لا؟ وهو الذي أشهر البطاقة الحمراء أربع مرات في آخر لقاء قاده في إيطاليا قبل قيادته هذه المباراة بين إنتر ميلان وجنوى، والتي سميت بالمجنونة لاحتسابه خلالها أربع ضربات جزاء واحدة للإنتر وثلاث لخصمه، إضافة إلى حالتي طرد بواقع حالة لكل فريق..!