في إحدى الدول العربية حينما بدأ التحدث وبدأ يلقي بفنون الخطابة على مسامعنا قال: «هل تعرفون عدد القتلى، هل تعرفون عدد الجرحى والمصابين، هل تعرفون ما هي الخسائر التي حلت بالبلاد من أسباب هذا المتهور!!». أبحرت بخيالي إلى طرقات سوريا، ومشت خطواتي بين أروقتها الجميلة، صوت المآذن ما زال يصدح بأذني منذ آخر مرة صافحت بها ترابها الذي هو قطعة من جسد كل عربي أصيل، فوجدتها تبكي ظلم الأصحاب وجور الزمان. وجدت أبناءها الذين كانوا يفاخرون بحصاد أرضهم قديما ما زالوا يفاخرون بحصاد أرضهم إلى الآن! لكن بعدد الشهداء الذين يتم دفنهم يوميا، عدد الأطفال المهول الذي قتل أمام مرأى أهاليهم ومرأى الرأي (العائم)، عدد النساء اللاتي اغتصبن واللاتي قتلن على يد زمرة الفساد وحاشيته. ما بال الشام، أصبحت تبكي دما بعدما كانت تضحك مطرا. كنت أنتظر التقرير الإخباري الذي تبثه القنوات عن أوضاع سوريا في صورة حقيقية واضحة تطلقها للعيان ليروا أشكال المظاهرات وتشييع الجنائز وحرق المباني وتهديم المآذن الذي يتم يوميا بل ولحظيا في الشام، وكنت أنا أرى خلفية هذه التقارير والوجه الحسن لأرض سوريا الحرة المتمثل في سهولها وجبالها وأمطارها، كأنها فقدت شيئا من تألقها الماضي، لكنها ما زالت هي هي، رغم النحيب والقتل والاستنزاف. عدت بمسمعي مرة أخرى إلى الواقع اللحظي الذي أعيشه، وإذ بصاحبنا ما زال يتحدث عما بدأ به حديثه وصدمت به حينما علمت أنه كان يحدثنا عن (أسبوع المرور). «ومضه»: يقول عليه الصلاة والسلام «المسلم للمسلم كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». Twitter @bader_allami