عشية مهلة البدء في سحب قواته وأسلحته الثقيلة من المدن، تمهيدا لوقف إطلاق النار اعتبارا من صباح بعد غد، ارتكب النظام السوري أمس المزيد من المجازر، ما أدى إلى مقتل أكثر من 160 شخصا؛ عشرات منهم في بلدة اللطامنة في ريف حماة، وعزز الشكوك في التزامه بتعهداته للمبعوث الأممي العربي المشترك كوفي عنان، فيما أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ل«عكاظ» تمسك الجامعة بضرورة إصدار قرار من مجلس الأمن بوقف كل أعمال العنف لإضفاء الجدية على تحرك دولي جديد. ولفت العربي الى أن التحركات على مدى الأشهر الماضية كانت دون جدوى، مضيفا أن المطلوب الآن هو استصدار قرار ملزم وعدم الاكتفاء بإصدار توصية غير ذات صبغة تنفيذية، مشددا على أن من شأن القرار المنشود أن يؤدي إلى الوقف الفوري لجميع أعمال العنف والقتل حماية لأرواح السوريين. ونفى أن يكون الهدف من المطالبة بضرورة إصدار القرار بموجب البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة هو التهيئة لاستخدام القوة المسلحة، مؤكدا أن المهم هو تبني آلية للرقابة تضمن تنفيذ القرار على الأرض. إلى ذلك، أبلغت مصادر في الأمانة العامة للجامعة العربية عن مشاورات يجريها العربي بالتنسيق مع الدول الأوروبية الأعضاء في مجلس الأمن حول مشروع قرار فرنسي أمريكي ينتظر أن يقدم إلى المجلس للتصويت عليه قريبا. وفي هذه الأثناء، اشتعل الوضع الميداني في سورية وتوترت الأوضاع على حدودها مع لبنان وتركيا، حيث استنكر الرئيس اللبناني ميشال سليمان تعرض فيه فريق عمل قناة تلفزيون (الجديد) اللبنانية في منطقة وادي خالد الحدوية لإطلاق نار من الجانب السوري ما أدى إلى مقتل المصور علي شعبان وطلب فتح تحقيق عاجل لكشف ملابسات الحادث. واستدعى وكيل وزير الخارجية التركي فريدون سينيرلي أوغلو، القائم بالأعمال السوري في أنقرة وطلب منه الوقف الفوري للاشتباكات بين قوات الأمن السورية ومعارضين في المنطقة الحدودية، التي أدت إلى مقتل سوريين اثنين وجرح 21 شخصا بينهم سوريون وأتراك. ومن جانبها أعلنت القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل أمس التزامها بخطة المبعوث الدولي كوفي عنان، ووقف إطلاق النار ابتداء من اليوم الثلاثاء . وأعلن المتحدث باسم القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل العقيد الركن الطيار قاسم سعد الدين في بيان «الالتزام التام بمبادرة كوفي عنان وانسجاما مع البيان الرئاسي لمجلس الأمن». ووجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون نداء أخيرا إلى النظام السوري لوقف الهجمات على المدنيين قبل ساعات على انتهاء مهلة لسحب قواته وأسلحته الثقيلة من مدن البلاد. وقال المتحدث باسم المنظمة الأممية مارتن نسيركي إن «الأمين العام بان كي مون كرر الطلب من الحكومة السورية أن توقف فورا أعمالها العسكرية التي تستهدف المدنيين واحترام الالتزامات التي وعدت بها المبعوث الخاص (للأمم المتحدة والجامعة العربية) كوفي أنان». واعتبرت الولاياتالمتحدة أن الرئيس السوري بشار الأسد لم يظهر أي مؤشر على أن حكومته ملتزمة بخطة السلام لإنهاء العنف قبل ساعات من المهلة التي حددتها الأممالمتحدة لتنفيذ الخطة. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني «لم نر أي مؤشر بعد على أن نظام الأسد يلتزم بتعهداته بموجب الاتفاق الذي تم بوساطة عنان الذي يقضي بانسحاب القوات السورية من المدن التي تشهد أعمال عنف. كما رفضت واشنطن مطالب النظام السوري بضمانات مكتوبة بأن يلقي المعارضون السلاح. وقالت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية «هذه ليست سوى وسيلة أخرى للمماطلة من أجل كسب الوقت». واعتبرت هجوم قوات النظام على لاجئين سوريين على الجانب التركي من الحدود مؤشرا آخر على أن نظام الأسد لا يبدو أنه مستعد بتاتا إلى الوفاء بالالتزامات التي قطعها لعنان. ومن المتوقع أن يزور عنان اليوم جنوب تركيا، حيث يقيم نحو 25 ألف سوري هربوا من أعمال العنف في بلادهم، لتفقد مخيمات اللاجئين. من جهة أخرى، نددت منظمة هيومن رايتس ووتش بتنفيذ القوات السورية النظامية «إعدامات خارج القانون» خلال الأسابيع الأخيرة. وتشمل الأحداث التي ذكرتها هيومن رايتس ووتش بتفاصيلها ما لا يقل عن 85 مدنيا في حمص وإدلب.