عادت صحيفة التيار السودانية للصدور بعد أن قامت السلطات بإيقاف صدورها لأجل غير مسمى، واشترطت لعودتها جملة إجراءات من بينها إقالة نائب رئيس التحرير، ومدير التحرير عن العمل، ومنع إحدى كاتبات الصحيفة من الكتابة بصورة نهائية. الأمر الذي وصفه الكثيرون بانتكاسة الحريات الإعلامية في السودان، وردة إلى سياسة حكومة الإنقاذ التعسفية في أول عهدها. رئيس تحرير صحيفة التيار عثمان مرغني أكد ل «عكاظ» أن ما حصل لصحيفة التيار في الأسابيع الماضية يوضح تماما أن مسألة الحريات في السودان اليوم أصبحت بين المد والجزر على حسب المواقف وليس على حسب المبادئ. فهنالك قانون للصحافة والمطبوعات وهنالك قوانين أخرى تنظم النشر لكن الذي يحدث اليوم هو تجاوز مقصود لكل هذا وتتم الإجراءات خارج سياق هذه القوانين، وذلك بإقرار من مجلس الصحافة نفسه، الذي أكد رئيسه البروفيسور علي شمو أنه قد فقد هيبته ودوره في هذا العهد. ولكن مرغني قال ل «عكاظ» إنه لا بد من التأكيد على وجود حريات فعلا والدليل أن صحيفة التيار أثارت قضية فساد شركة الأقطان وهي قضية حساسة وكبيرة ومع ذلك لم تتدخل الأجهزة الأمنية إطلاقا، وفي المقابل تدخلت تلك الأجهزة لمجرد نشر مقال البروفيسور الطيب زين العابدين الذي لم يكن ليرى النور في التيار نفسه لولا أنه أفلت من الرقابة بطريق الخطأ. ولو مر بالإجراءات المعتادة لما تم نشره. لأنه لا يتناسب مع السياسات التحريرية للصحيفة والتي لا تسمح بتوجيه الاتهام من غير أدلة. ومع ذلك روج الإجراء الحكومي للمقال بصورة مذهلة وأعاد إنتاجه، وعوضا أن يقرأه 50 ألف عن طريق الصحيفة أصبح قراؤه بعد الإجراء أكثر من خمسة ملايين!. وقال الأستاذ عثمان مرغني ل «عكاظ» إن الحريات الصحفية في السودان قد توسعت في الفترة الأخيرة بصورة صريحة، لكن المأزق هو أن سقفها قد ارتفع جدا باتجاه ما يخص الدولة وانخفض جدا فيما يمس الأفراد والأشخاص ، فأصبحت الحرمات كلها حول الأشخاص وليس الدولة، كما ينبغي لها أن تكون.