شخصيا قاومت بصعوبة تيار الأسهم الذي جرف شرائح عديدة في المجتمع؛ وأتذكر إلحاح الزملاء بضرورة الاستثمار في هذا المجال، فالكل كان يتحدث عن جني الأرباح وتحسين الدخل؛ وكنت في أمس الحاجة إلى المال إذ نسافر للدراسة ونعود لتحمل تبعات مالية كبيرة؛ كان لدي مبدأ بسيط يتلخص في عدم الاقتراض لأستثمر في مجال لا أفهمه وتحفه المخاطر؛ رغم أن المغامرة هي إحدى قيم السوق، ولكن راتبي حينها كان لا يحتمل قسطا شهريا، وكنت أرى أن الذين لديهم فائض من المال هم الأقدر على الاستثمار، انقشعت سحب الأسهم وربح من ربح وخسر من خسر ماديا وصحيا ولا تزال الأسئلة معلقه تحتاج إلى إجابات؛ وتعرضت الطبقة المتوسطة إلى ضربة في الصميم. قبل ذلك حاول البعض مقاومة اجتياح التلفزيون الفضائي وموجة الهواتف المتنقلة ونجحوا لفترة ثم أصبحوا نشازا عند القريب والبعيد، اليوم نحن في خضم أمواج الإعلام الجديد العاتية التي يخوض غمارها الملايين في المملكة كما تشير الإحصاءات؛ ولم يعد هناك موضوع سياسي أو اجتماعي إلا ويناقش، وكل يغني على ليلاه، تتجاور صور البسطاء مع مشاهير السياسة والفن والرياضة والفكر في تشكيل تصعب قراءته في أحيان كثيرة. أتذكر أنني كتبت مقالا افتتاحيا لمجلة الطالب في عام 1997م التي كانت تصدر عن الأندية الطلابية السعودية في بريطانيا حول الآثار المحتملة لثورة المعلومات، ولم أكن أتصور هذا الانفجار في أقل من عقد ونصف؛ ولا أدري إلى أين نتجه، لست خبيرا اقتصاديا أو إعلاميا؛ ولكني أتساءل كيف انتقلنا من خندق الممانعة إلى ركوب الموجات الاقتصادية والإعلامية وسلوك الطرق المؤدية إلى السياسة والممنوعات الاجتماعية، ارتفاع سقف الحرية والتعبير عما نعتقد أنه حقيقة لا يمكن أن يصبح واقعا بين عشية وضحاها في غياب الثقافة المؤسسية والحقوقية التي تؤطر لتغييرات مدروسة ومتدرجة تحفظ منظومة القيم الدينية والأخلاقية وتصون المصالح الوطنية العليا. هناك تشابه كبير بين خطاب الإعلام الجديد ولغة الأسهم؛ فلدينا شخصيات قيادية إذا غردت تلقفها مئات الآلاف؛ وكتاب متخصصون ونحن نواصل الجري هنا وهناك، الإيجابيات كثيرة ولكن ماذا بعد؟! هل نحن مؤهلون كأفراد ومجتمعات ودول لتسونامي الإعلام الجديد وما يفرضه من تحديات على كافة المستويات؟ أين مراكز دراسات الظواهر الجديدة وأبحاث المستقبل؟ أخيرا، هل سنتجرع خيبات أخرى أم سنكسب الرهان هذه المرة؟! للتواصل: Facebook.com/salhazmi1