إن تأسيس صندوق التنمية العقاري في التسعينات ثم الهيئة العامة للإسكان ثم وزارة الإسكان مؤخرا إنما يجسد اهتمام حكومتنا الرشيدة بالمتطلبات الأساسية للمواطن فالمأوى يعني الاستقرار للفرد والأسرة وأي عوامل أو مظاهر سلبية في هذا الشأن تؤرق المواطن وتزيد من همومه فارتفاع أسعار الأراضي مثلا والتضخم في أسعار مواد البناء والعمالة يزيد من هموم المستأجرين ويبدد أحلامهم في تملك مساكن مناسبة تؤويهم، ومن هنا تأتي أهمية دور وزارة الإسكان في تحقيق التوازن في القطاع الإسكانى وردم الفجوة الإسكانية وقد أحسنت الوزارة بالمبادرة في إعداد الاستراتيجية الوطنية للإسكان لتعمل بمنهجية علمية تجسد الرؤية البعيدة المدى لتلبية الاحتياج المتزايد للإسكان سواء بالتأجير أو التمليك. وبطبيعة الحال تنطلق الاستراتيجية الوطنية للإسكان من الإحصائية السكانية وعدد المساكن اللازمة بافتراض أن متوسط أفراد الأسرة في المسكن الواحد (5) أفراد وبالتالي فإن سكان المملكة يشغلون أربعة ملايين مسكن إما بنظام التأجير أو التمليك وبزيادة هذه النسبة بمتوسط 10% تكون الزيادة في المساكن اللازمة للمواطنين أربعمائة ألف مسكن سنويا. ولا شك في أن تأمين المساكن للمواطنين بأي النظامين من قبل الدولة يتطلب الشفافية والعدالة في عنصرين هما الاستحقاق والأولوية فالاستحقاق معروف لمن لا مسكن له وهذه الخاصية يفوز بها الشباب الذين هم في مقتبل العمر أو من ذوي الدخل المحدود جدا ويعول أسرة كبيرة، كذلك فإن الأولوية قد حددتها الوزارة بالنقاط حسب معايير الدخل والسن وعدد أفراد الأسرة أيضا. وعلى صعيد التأجير فإن الوزارة حسب تصريح وزير الإسكان في لقاء المسؤولية المشتركة الذي نظمته «عكاظ» تسير باتجاهين: الأول تنظيمي ويتمثل في تنظيم سوق إيجار العقار من خلال مشروع (إيجارة) وهو قاعدة بيانات تحكم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والوسيط، يدخل فيها تصنيف المباني وتصنيف المستأجرين بما يحقق عدالة التأجير ويوفر بيانات إحصائية للتخطيط في سد الفجوة الإسكانية. أما الاتجاه الثاني فهو تأمين المنتج السكني لتأجيره للمواطنين من خلال استثمار الأراضي الحكومية بنظام البناء والتشغيل والتحويل وهو ما يعرف بمصطلح (B.O.T) وهو عقد امتياز للانتفاع بالأراضي الحكومية في إقامة مجمعات سكنية وتأجيرها للمواطنين وتؤول تلك المشاريع للوزارة بعد فترة محددة، وهذه الخطوة من شأنها أن تزيد من عروض المساكن وبالتالي تنخفض الإيجارات وتقلل الضغط مؤقتا على قروض الإسكان وتنخفض أسعار الأراضي وهذا هو تحدي الإنجاز أمام معالي الوزير.. إننا نأمل في تعجيل استثمار أطراف المحافظات في مدن نموذجية تنهي مشكلات العشوائيات والتعديات وتستثمر فيها مواقع الخدمات والمواقع التجارية بما يحقق دعم تأجير المساكن بقيمة منخفضة تنتهي بالتمليك.. حيث إن الشباب ومحدودي الدخل يتطلعون إلى سكن مناسب بمواصفات وجودة عالية وتصميم معماري رفيع وصديق للبيئة بإيجار منافس، إن لم يكن رمزيا وينتهي بالتمليك، وأعتقد أنه من الممكن تحقيق ذلك باعتبار أن الأراضي حكومية، وحجم المشاريع كبير وتوجد أنظمة حديثة للبناء تمتاز بالسرعة في الإنشاء وبتكاليف اقتصادية وباعتبار أن القائم على الوزارة وزير شاب متحمس أخذ على عاتقه تحقيق تطلعات ولاة الأمر لتلبية استقرار المواطن في حياة كريمة.