من الأهداف التي تدعو إليها التربية هو حصول تغير إيجابي في سلوك الفرد وذلك من خلال تفاعل يحدث بينه وبين موقف تعليمي في البيئة التي يعيش فيها الفرد. ومما لا شك فيه أن البيت والمجتمع ومؤسسات التربية والتعليم المختلفة تقوم بدور فعال نحو إكساب النشء المعارف والمهارات والأخلاق أو بمعنى أشمل خصال الخير واجتناب مبادئ الشر، ... فالتربية من وجهة النظر الإسلامية كما يرى الدكتور/ سراج محمد وزان في كتابه (التربية الإسلامية كيف نرغبها لأبنائنا) هي الأسلوب الذي اتخذه الدين الإسلامي لتربية النشء.. تربية تهدف إلى الاهتمام بالعقل وتدريبه على النظر والتأمل والبحث لخدمة الإنسانية وتهذيب الوجدان الإنساني والارتقاء بالسلوك البشري للتعامل بين أفراده من أجل خير المجتمع وصلاحه. ولعل الاختلاف هنا وارد مع بعض علماء التربية وفلاسفتها الذين يرون «أن النمو هو الهدف الأوحد للتربية، النمو من جميع النواحي العقلية والجسمية والروحية والاجتماعية سواء منه الكمي الذي يتمثل في الزيادة في الحجم أو المعلومات. وغير ذلك أو النمو الكيفي المرتبط بأسلوب حياة الناشئ من صغره لحركاته وتصرفاته وسلوكه . وقد اختلف أولئك العلماء في كيفية تطوير سلوك الإنسان فجعلها بعضهم ردود أفعال منعكسة من تطور حال إلى حال أحسن حتى يصل إلى مرحلة النضج وبعضهم صور نمو الإنسان أي تطور سلوكه على أساس أنه خبرات متراكمة، تنمي مدارك الناشئ وتجعل سلوكه أقرب إلى حاجات المجتمع وظروف الحياة ومتطلبات الحضارة ومخترعاتها ولكن من البديهي أن ليس كل نمو يستخدم في الخير، وهنا يأتي دور التربية في الإسلام التي تجعل من النمو بجميع جوانبه وسيلة لتحقيق هدفها الأعلى وهو عبودية الله». وبذلك يمكن القول إن التربية الإسلامية لا تجعل تغيير السلوك هدفاً للتربية في حد ذاته كما هو، وإنما تجعل منها وسيلة لهدف أسمى وهو الحفاظ على الفطرة الإنسانية السليمة للإنسان التي فطر الله الناس عليها، وعقيدة الإيمان والتوحيد لله جل جلاله. م. فريد عبدالحفيظ مياجان (جدة)