دعا عدد من المهتمين بالشأن القضائي إلى الإسراع في تفريغ القضاة من مهماتهم الإدارية، لافتين إلى أن ذلك يسهم في تركيز القضاة على أعمالهم الموكلة إليهم بالنظر في القضايا والبت فيها. رئيس المحكمة العامة بالمدينة المنورة الشيخ فهد المحيميد، أرجع تأخر بعض القضاة عن الحضور إلى مجالسهم أو انعزالهم عن المراجعين إلى أنهم يتولون بأنفسهم دراسة القضايا والأحكام قبل النطق بها، موضحا أن القضاة يواجهون عبئا إداريا بالإضافة إلى أعمالهم القضائية، ما يدعو بعضهم لاعتزال المراجعين لإنجاز مهماته المنوطة به. وقال: يجب أن نوضح مسألة مهمة في هذا الموضوع؛ القاضي لديه مواعيد جلسات، ثمانية مواعيد قضايا حقوقية وجنائية يوميا وعلى مدار الأسبوع يتم تحديدها من النظام، كما أن على القاضي أن ينظر في الطلبات الإنهائية التي يقوم القاضي بإنهائها مباشرة دون تحديد موعد لها، التي قد تصل في اليوم الواحد أحيانا خمسة طلبات، ومن هنا نجد أن القاضي في أحيان كثيرة يعقد مجلسه القضائي يوميا بمتوسط 13 مرة، كما أنه مطالب بدراسة القضايا دراسة دقيقة، وصياغة الأحكام بوقائعها وأسبابها ومنطوقها، ومن الناحية الإدارية هو مطالب بإدارة المكتب القضائي بموظفيه، وهذا حمل كبير على القاضي، مما يضطر القاضي إلى تفريغ بعض الوقت للتركيز على كتابة بعض الأحكام في بداية الدوام، أو قبل الحضور للدوام، أو الانعزال في مختصره لدراسة وصياغة أحكام بعض القضايا الحساسة. وكقاض سابق فإني لا أخفيكم أن الكثير من القضاة لا يستطيع الحكم في عدد من القضايا إلا بعد التحضير لها لعدة ساعات يوميا في منزله، حيث إن القاضي يتحمل مسؤولية كبيرة في الأحكام التي يصدرها. أعمال إدارية أما القاضي السابق في ديوان المظالم والمستشار القانوني الشيخ محمد بن سعود الجذلاني، فاعتبر أن تفريغ أعداد من القضاة من العمل القضائي الأصيل وإصدار الأحكام إلى أعمال إدارية بحتة يمكن لأي موظف متخصص مؤهل القيام بها، أمر مقلق جدا. وقال: من أسوأ صور إشغال القضاة بأعمال إدارية تقطعهم عن إنجاز قضاياهم ما يجري بشكل مزعج من مطالبتهم بإعداد وكتابة الإحصائيات والمعلومات والبيانات الخاصة بالقضايا والأحكام أو كتابة الإفادات التي تطلب منهم عن بعض القضايا. وأكد أن المشكلة تكمن في تكليف القضاة -دون تفريغهم- بممارسة أعمال ذات صبغة إدارية بحتة تزاحم عملهم القضائي الأصيل وتؤثر في مستوى إنجازهم وفي تفرغهم لدراسة القضايا، وتأمل الدعاوى والوصول لأحكامٍ عادلة لها. أمانات المحاكم أما القاضي بوزارة العدل الدكتور ناصر بن زيد بن داوود فأبان أن أمانات المحاكم من الوظائف المعطلة، ولو أنها وجدت قوالبها التي تصب فيها مهامها لأنتجت وأثمرت عملا قضائيا مشرفا، ولسهل على أصحاب الفضيلة القضاة نظر قضاياهم، ولتيسر على أصحاب القضايا متابعة معاملاتهم وقال: لنا أن نتصور محكمة يعمل أمينها العام وجهازه الإداري المتخصص الأمور التالية؛ استقبال أصحاب الدعاوى، والتحري عن الاختصاص النوعي والمحلي قبل تقييد القضايا، التأكد من تحرير أصحاب الدعاوى لدعاواهم، وتوجيههم بتكميل نواقص ملفاتها، التوزيع العادل للقضايا على دوائر المحكمة ذات الاختصاص، تبليغ الدعاوى للمدعى عليهم وفق أحكام النظام، المتابعة مع المدعى عليهم حتى ورود أجوبتهم، إعادة تبليغ المدعين بأجوبة المدعى عليهم ومتابعتهم، مباشرة التشاور مع الدوائر القضائية فيما يحتاجونه من رأي أو تفسير، تلقي محاضر الدعوى وملفاتها بعد الحكم فيها، الإشراف المباشر على حسن تنظيم الملفات في الحفظ، الإشراف على حضور وانصراف الموظفين، ومراقبة سير العمل. وأضاف: لو أن أمانات المحاكم قامت بواجباتها على النحو السابق: لأمكن القضاة أن يتفرغوا لعملهم القضائي ويقوموا بواجبهم كما يحبون هم أولا، وكما يؤمله منهم أصحاب الحاجات ثانيا، وكما يريده منهم ولاة الأمر.