كشف ل»الشرق» رئيس ديوان المظالم رئيس مجلس القضاء الإداري الشيخ عبدالعزيز النصار عن تغييرات تبنتها سياسته القيادية الجديدة، بعد ستة أشهر مضت على شغله منصب الرئاسة في الديوان، أبرزها رفع سقف القضايا المنظورة في اليوم الواحد وجدولة عمل القضاة خلال أيام الأسبوع بتحديد يومين للنظر في القضايا وثلاثة أيام للتفرغ لدراستها، إلى جانب إدخاله تعديلات على آليات تفريغ القضاة للبرامج التدريبية، وطالت سياسته المستحدثة، التي وصفها بالشراكة والمكاشفة، إلى نقل القضاة بطريقة عكسية، واستحداث ضوابط لاختيار القضاة. وتنقلت «الشرق» معه في الحوار بين الحديث عن تعامل المحاكم الإدارية مع أعمال السيادة وتداخل السلطتين القضائية والإدارية، وكذلك استفادة القضاء الإداري السعودي من التجارب القضائية في دول أوروبا وشرق آسيا وشمال أفريقيا. وبين سطور الحوار، خصّ النصار «الشرق» بالحديث عن عدد من مستجدات ساحة القضاء الإداري السعودي.
شراكة ومكاشفة * لكل قيادي سياسة عمل يتبعها لتسيير دفة العمل، على ماذا ترتكز سياستكم الجديدة في القضاء الإداري بديوان المظالم؟ - ترتكز على سياسة إشراك الجميع في المسؤولية وتلاقح الأفكار، والمكاشفة. ونسعى إلى أن يستشعر كل فرد من قضاة وموظفي المظالم أنهم جزء من جهاز الديوان، فلا حواجز بيننا: الباب مفتوح والتليفون متاح وكذلك المراسلة عبر البريد العادي والإلكتروني. فنحن في مركب واحد، وبدون ذلك لن ننجح في تسيير دفة العمل في القضاء الإداري. * وما هي الأسس التي تسعى إليها هاتان السياستان؟ - نسعى من خلالها إلى تحقيق العدالة الناجزة للمتقاضين، وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة؛ بتيسير إجراءات التقاضي، وتدريب الكادر البشري من القضاة ومعاونيهم. لتحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين وتطلعاته ضمن مشروعه الميمون لتطوير القضاء في تحقيق العدل وإيصال الحقوق لأصحابها في دقة متناهية وسرعة لا تخل باستيفاء متطلبات التقاضي.
انتقال عكسي للقضاة * لديكم خطة جديدة في نقل القضاة، كيف عالجتم هذه المسألة؟ - سنطبق فكرة (الانتقال العكسي)، من خلال تعيين القضاة الجُدد في محاكم بعيدة، لكنه يباشر العمل في المحاكم الكبرى مثل الرياضوجدة حتى تنضج معرفته ويكتسب خبرة من القضاة الأقدم داخل المدن الكبرى ذات النطاق الأوسع، ثم يُوجه إلى المحكمة التي عيّن فيها وترتبط ترقيته ببقائه في تلك المحكمة. ونستهدف من هذه الفكرة أيضا توزيع وظائف القضاة على المحاكم ودعمها بالكفاءات.
دعم محاكم المناطق * وهل يتم دعم محاكم المناطق البعيدة في الشمال والجنوب بقضاة من أهل المنطقة نفسها؟ - هذا وارد ونرحب بذلك، لكنه يتم وفق المتوافر. ويحدث أن يعين قاضٍ من أهالي عرعر أو جازان أو نجران فيتم تدريبه في الرياض أو جدة مع القضاة أصحاب الخبرة الطويلة وبعد انتهاء فترة الملازمة يُعين مباشرة في منطقته. * ألا تخشون أن يؤثر كون القاضي من أهل المنطقة على إصدار الأحكام، منعا للمحاباة؟ - نستبعد هذا الأمر تماما، لكن يحصل أن يواجه القاضي حرجا، فيفضل الالتحاق بمحاكم بعيدة عن منطقته، ونحقق له رغبته.
معاون لكل قاضٍ * وكيف عالجتم بعض العوائق التي تواجه القضاة أثناء نظرهم في القضايا، للتعجيل بالفصل فيها؟ - نرتب حاليا للعمل على إيجاد معاون لكل قاضٍ إما باحثا أو سكرتيرا يُريح القاضي كثيرا وينظم عمله للإسهام في سرعة الفصل في القضايا وإنجازها؛ وساعد في ذلك قرار صادر من مجلس الوزراء منذ ثلاثة أشهر بشأن الترتيبات الوظيفية في القطاعات القضائية.
35 جلسة يوميا * وكيف نظمتم عمل القضاة بتحديد الجلسات القضائية؟ - أجرينا تجربة في إحدى المحاكم بتحديد جلسات النظر في القضايا بيومين في الأسبوع، وألا تقل جلسات اليوم الواحد عن 35 جلسة لرفع القضايا إليه ويتم خلالها تبادل المذكرات، وثبت نجاحها عمليا. ونستهدف من ذلك تفريغ مجهود القاضي بقية الأيام لدراسة القضايا المرفوعة إليه وكتابة الأحكام والتدقيق فيما كتبه.
معدّل الإنجاز * وكم المعدل الزمني الذي تستغرقه القضايا للحكم فيها؟ - هنالك قضايا لا يتجاوز المعدل الزمني لإنجازها خمس ساعات، فيما تستغرق قضايا أخرى ثلاثة شهور؛ ويعود ذلك إلى طبيعة موضوع كل قضية، ويعتمد أيضا على تعاون الخصوم في تقديم أوراق القضية وحججهم كما أن لتعامل القاضي مع القضية دورا في سرعة الإنجاز.
القضايا الأسرع إنجازا * وأي القضايا يُمكن إنجازها والحكم فيها خلال مدة أقصر؟ - القضايا التجارية هي الأقصر مدة في الإنجاز؛ فمن السهل الحسم وبت الحكم في ميدان القضاء التجاري لأن طرفي القضية من الخصوم أفراد عاديون لا يمثلون الأجهزة الرسمية. فيما نلاحظ أن مدة النظر في القضايا الإدارية أطول قليلا؛ والسبب يعود إلى أن أحد طرفي الخصومة ممثل لجهاز رسمي إداري، ويتطلب الوضع مزيدا من الوقت للقيام بإجراءات معينة من إثباتات أو ردود من جهات أو إدارات أخرى. لكن أمام ذلك، لا يعني تأخير القضايا الإدارية أكثر مما يحتاج إلى وضع القضية، فالنظام يتيح لقاضي الدائرة الإدارية الحكم بحكم نافذ؛ حتى إن لم يتفاعل الجهاز الإداري مع متطلبات القضية، وذلك منعا لأي تقاعس؛ فإن لم يحضر ممثل الجهاز الجلسة الأولى يُمهل إلى الجلسة الثانية، وإن لم يحضر الجلسة الثانية يُحكم على الجهة وممكن ينفذ الحكم دون حضور ممثل الجهة. والقاضي هنا هو مَنْ يُقدر حاجة القضية للتأجيل أو رفضه والحكم في القضية وفقا لما يتم تقديمه من مبررات.
القضايا الإدارية * إذاً، ما أقصر مدة يتطلبها الحكم في القضايا الإدارية؟ - أقصر فترة للحكم في القضايا الإدارية من أول جلسة 30 يوما، وإذا توافرت الوثائق ومتطلباتها، ورأى القاضي الحاجة إلى مواصلة النظر فيها ومداولتها تصل مدة الحكم فيها إلى شهرين أو ثلاثة شهور.
تأجيل أحكام الصلح * لكن هنالك بعض الدوائر التجارية التي تتأخر في البت بالأحكام، هل لهذا علاقة بزيادة التدقيق أثناء النظر في القضايا، أم أن التأجيل يستهدف الصلح؟ - الأصل في الدوائر القضائية عموماً، بما فيها الدوائر التجارية عدم تأخير الفصل في الدعوى، متى تهيأت للحكم فيها، باستثناء بعض الوقائع التي تتطلب نوعا من التحري والتدقيق، وعلى سبيل المثال: لو كانت القضية بحاجة إلى الاستعانة بجهة خبرة، أو طلب أطراف الدعوى إمهالهم للصلح فيما بينهم، هنا.. لا يمكن أن يحول القضاء بين الطرفين وبين الصلح، وأيضا لو كان الخصوم بحاجة إلى وقت لممارسة حقهم في الدفاع، لكن دون أن يتحول ذلك إلى وسيلة لإطالة أمد النزاع دون مبرر، كما أن القضايا التي يتأخر الحكم فيها لا تُترك دون متابعة ويتم التحقق من أسباب التأخير، والتعامل معه وفق ما يقضي به النظام. بالمقابل يسعى ديوان المظالم إلى معالجة تأخر الفصل في كل القضايا – ليست التجارية فقط – من جهتين، الأول: عبر التفتيش القضائي الدوري لجميع القضاة ويتم من خلاله إعداد تقارير لتقويم أعمال القضاة ومنها تأخر الفصل في القضايا وتتم المحاسبة إذا وجد سببها. الثاني: من خلال إدارة للدعم القضائي المرتبطة برئيس الديوان لمتابعة القضايا التي يتأخر الفصل فيها، مع متابعتها ميدانيا من قبل قضاة يبحثون مع الدوائر أسباب التأخر إلى جانب دعم الدوائر بما يساعد على سرعة إنجاز القضايا أيا كان الدعم المطلوب، لتحقيق السرعة في فصل القضايا.
ضوابط لاختيار القضاة * وما خطتكم لمعالجة نقص أعداد قضاة القضاء الإداري بديوان المظالم؟ - زيادة عدد القضاة هاجس بالنسبة لنا، وأصدرنا في مجلس القضاء الإداري قبل خمسة شهور ضوابط لاختيار القضاة من الكفاءات المؤهلة للنهوض بأعباء الولاية القضائية. وكوّنا عددا من اللجان لمقابلة المرشحين والمتقدمين للعمل في السلك القضائي، وانتهت اللجان من المقابلة، وسينظر المجلس حاليا في تعيينهم، وسنواصل اختيار المؤهلين وتعيينهم خلال الفترات المقبلة إن شاء الله. * وهل مجال الالتحاق بالقضاء الإداري يقتصر على مَنْ ترشحهم الجامعات فقط؟ - بالطبع لا، فالمجال مفتوح لمَنْ يريد ترشيح نفسه للعمل كقاضٍ من خريجي كليات الشريعة في مختلف مناطق المملكة، إضافة إلى طلبنا من الجامعات ترشيح طلبة من كليات الشريعة في مختلف مناطق المملكة، وكل هؤلاء يمرون من خلال لجان المقابلة الشخصية، وتطبق عليهم ضوابط اختيار القضاة؛ مثل: الاشتراط أن يكون خريجا لإحدى كليات الشريعة، ولا يقل تقديره العام عن جيد وفي تخصص الأصول والفقه لا يقل عن جيد جدا. * وهل تركزون على نمط تفكير القاضي عند اختياره للعمل ضمن سلك القضاء الإداري؟ - بالتأكيد فلا شك في ذلك، وأمر تقييم القاضي لا ينتهي عند المقابلة الشخصية له، فبعد تعيينه ملازما تتم متابعته طوال فترة الملازمة وتُرفع تقارير دورية عنه من قبل رؤساء الدوائر التي يعمل معهم فيها أو من قبل رئيس المحكمة.
سياسة جديدة للتدريب * وما هي أولى النتائج التي توصلتم إليها واقعيا بناءً على تطبيق هاتين السياستين؟ - وضعنا أيدينا على مشكلة واجهت الزملاء في آلية التدريب، التي كانت تعتمد في السابق على تفريغ قضاة دائرة قضائية كاملة للتدريب مما يترتب عليه إغلاق الدائرة ويتسبب في تأخير إنجاز العمل. وبما أن التدريب خيار استراتيجي مستمر لكن بشرط عدم تأثيره على الإنجاز القضائي، عملنا على علاج المشكلة بترشيح قاضٍ واحد فقط من كل دائرة لأي برنامج تدريبي، بحيث لا يتوقف العمل لغياب قاضٍ واحد فقط، ولا تؤثر مواعيده على مواعيد نظر الدعاوى وجلساتها بأي حال من الأحوال، بحيث يكون في الدائرة القضائية العدد اللازم من القضاة الذين ينظرون في الدعوى ويفصلون فيها دون تأجيل.
موقف القضاة من التدريب * وما موقف القضاة من التدريب؟ - التدريب في الديوان ضرورة وواجب لا اختيار فيه، سواء في المجال القضائي أو الجوانب المساندة له، وأستطيع أن أقول لك أن موقف القضاة من التدريب إيجابي إلى حدٍّ بعيد، فهم يتفاعلون معه ونلاحظ أنهم يثقون بالتدريب كواجب من واجبات الوظيفة القضائية. * وكيف رصدتم انعكاسات التدريب على القضاة، من حيث سرعة الإنجاز أو التعامل مع القضايا والمتخاصمين؟ - بدأت تظهر النتائج الإيجابية للتدريب على جميع القضاة، من حيث كيفية التعامل مع القضية ونظرها، وسرعة الإنجاز والدقة، والتعامل مع الآخرين؛ فنحن في القضاء الإداري نستهدف رفع القدرات وتطوير كفاءتها من خلال التدريب. * وكيف ستسهم البرامج التدريبية في تطوير الفكر القضائي؟ - نسعى حاليا لمدّ القضاة الجدد من الملازمين القضائيين بخبرات تدريبية تأهيلية في عدة مجالات؛ بينها مجال العقود الإدارية والتعويض، وأعددنا خططا للتدريب المتخصص للقضاة لتطوير العمل القضائي، وكذلك إيجاد دورات للقضاة في المجال الإداري، إضافة إلى تدريب أعوان القضاة وسائر الموظفين من خلال برامج تدريبية تتوافق مع تخصصاتهم الوظيفية ومهامهم التي يقومون بها، كما تم الاهتمام بتفعيل الجانب العملي وعدم الاكتفاء بالتدريب المعتاد؛ وتنويع أساليب التدريب. ونسعى أيضا إلى دعم جانب التخصص للقضاة، بإيجاد مراجع علمية ومصادر في الشأن القضائي والنظامي، إلى جانب إعداد وتصميم برامج تكوين للقضاة الجدد، تشمل الجانب النظري والتطبيقي معا من خلال محاكم صوريَّة، مما يُسهم في تمكينهم من العمل القضائي قبل انخراطهم الفعلي فيه. وننسق حاليا مع معهد الإدارة العامة والمعهد العالي للقضاء لتقدم دورات جديدة لتهيئة وتأهيل الملازمين القضائيين.
الاعتراض على الأحكام * ما أكثر الأسباب التي تدفع المتخاصمين للاعتراض أمام محاكم الديوان بعد صدور الأحكام؟ - تدور أغلب الاعتراضات على استعجال الدائرة بإصدار الحكم، أو عدم تمكينها لأحد طرفي الادعاء من تقديم بعض المستندات. لكن طبيعة الحاصل في الميدان القضائي في كل مكان بالعالم: أن الأحكام لا تُرضي أحد الطرفين. * وكيف تتعاملون مع الاعتراضات ضد الأحكام الصادرة؟ - نتعامل مع الاعتراضات وفق النظام، بأحقية المعترض رفع اعتراضه إلى محكمة الاستئناف. وذلك انطلاقا من كون الاعتراض على الأحكام من أهم الضمانات التي كفلها النظام، فلكل شخص صدر حكم ضده من المحاكم الإدارية له حق الاعتراض عليه، بعد أن يتسلم صورة من الحكم تتضمن وقائع الدعوى وما بُني عليه الحكم من أسباب وأدلة، ويحق له الاعتراض عليه خلال 30 يوماً أمام محكمة الاستئناف الإدارية. وتمكن إدارة الديوان المتقاضين من هذا الحق وتسهّل إجراءاتهم، إضافة إلى إمكانية طلب الالتماس على الأحكام النهائية وفق المادة 42 من قواعد المرافعات والإجراءات أمام الديوان. * وما موقفكم من الشكاوى الموجهة ضد قضاة الديوان؟ - نرصد الشكاوى ونتابعها عبر إدارة التفتيش القضائي التي تتابع جميع القضاة وأعمالهم دوريا. فضلا عن ذلك، نستشعر دائما بأننا وجدنا لخدمة المترافعين من المتخاصمين، لذا وضعنا استبيانات للمترافعين من عامة المواطنين أو المحامين لتساعدنا ملاحظاتهم على إنجاز قضاياهم.
لا محاباة في التأجيل * وهل يمكن أن تدخل المحاباة ضمن أسباب تأجيل الحكم في بعض القضايا التي تخدم شريحة كبيرة من موظفي الدولة، ولنأخذ قضية تحسين مستويات المعلمين والمعلمات -على سبيل المثال-؟ - نحن لا نحابي أية جهةٍ كانت، فكل القضايا تأخذ مسارها الشرعي ولا يمكن أن نُوقفها، وهنالك قرارات صدرت من عدد من الوزارات وألغتها المحاكم الإدارية بديوان المظالم عملا بالنظام، وقضية تحسين مستويات المعلمين والمعلمات تم تأجيلها مؤقتا حتى تظهر نتائج لجنة معالجة مشكلة مستويات المعلمين والمعلمات ويُفصل فيها.
تفعيل المحكمة الإدارية العليا * حتى الآن لم يتم تفعيل مهام المحكمة الإدارية العليا، بانتظار صدور نظامي المرافعات الشرعية والإجراءات الجزائية.. لكن كيف تحققون العمل بدرجات التقاضي الثلاث في غياب المحكمة الإدارية العليا؟ - تقوم محكمة الاستئناف حاليا بمهام المحكمة الإدارية العليا حتى يصدر نظام المرافعات الشرعية أمام المحاكم الإدارية بديوان المظالم ونفاذه. ويُمكننا وصف المحكمة الإدارية العليا برأس هرم محاكم الديوان، لأنها تُعنى بالتحقق من صحة تطبيق الشريعة الإسلامية والأنظمة على الدعاوى التي صدرت فيها أحكام من محاكم الاستئناف الإدارية. * وهل سيُخفف تفعيل المحكمة الإدارية العليا كثيراً من الأعباء؟ - حاليا لا يوجد فراغ في ظل سد محكمة الاستئناف لمهام المحكمة الإدارية العليا، لكن توزيع مهام العمل على درجات التقاضي الثلاث (الابتدائية، الاستئناف، والعليا) أفضل.
مكافحة الفساد الإداري * ما دور المحاكم الإدارية في محاربة الفساد الإداري؟ - المحاكم الإدارية جهة فصل وقضاء؛ تفصل في الدعاوى وما تتضمنه وقائعها والأسباب التي بُنيت عليها الأحكام فيها، ما يسهم في استجلاء الأخطاء الإدارية ومعرفة دوافعها ومبرراتها من قِبل الجهات المختصة، والعمل على تلافيها؛ سواء تضمنت فساداً إدارياً أو أخطاءً إدارية بحتة. وإلى جانب ذلك، تفصل المحاكم الإدارية في الدعاوى التأديبية التي تُقام من الجهة المختصة، وتتضمن تلك الدعاوى مساءلة الموظفين الذين يرتكبون أخطاءً في مجال عملهم تستدعي إيقاع الجزاء الذي قرره النظام بحقهم، وهو من الدور العقابي الذي تقوم به المحاكم الإدارية في هذا الشأن. * وما نوع العلاقة التي يمكن أن تكون بين المحاكم الإدارية وهيئة مكافحة الفساد؟ - لا تخرج علاقة المحاكم الإدارية بهيئة مكافحة الفساد عن تولي مهمة إيقاع العقوبة بعد كشف الهيئة للفساد وتحويل القضايا إلى محاكم ديوان «المظالم» عن طريق جهات الادعاء؛ وهو ما تتصدى له المحاكم الإدارية في الجانب التأديبي للموظفين العامين. ومن الواجب وجود التعاون بين ديوان المظالم وهيئة مكافحة الفساد، كل في حدود اختصاصه.
السلطة الإدارية * حصل في وقت سابق أن تجاوز حكم القاضي الإداري السلطة القضائية إلى السلطة الإدارية، فكيف يمكن ضبط الحدود بين السلطتين؟ - يكمن دور القضاء الإداري بالفصل في الدعاوى التي تُرفع إليه ضد أعمال جهة الإدارة، سواء كانت (طلب إلغاء قرار إداري، أو تعويض عنه أو عن عمل آخر، أو منازعة عقدية، أو غير ذلك مما تضمنته المادة 13 من نظام ديوان المظالم...)، وبهذا لا يكون هناك تداخل بين اختصاص القضاء الإداري، واختصاص الجهات الإدارية التي تقوم بأعمالها وفقاً لما تقرره الأنظمة.