لم أجد كلمة وظفت بل انتهكت كرامتها مثل الليبرالية، فالمعادون لكل ما هو ليبرالي يعتبرونها أس البلاء وسبب الفتنة ومنبع الضياع وسيف الشر المسلط على الخيرين في الأرض، ويوصفونها بكل شيء من الماسونية حتى الماركسية والإلحاد. والمدافعون عنها ولو كانوا نقيضها يرفعون من شأنها حتى تظن أنك أمام عقيدة جديدة أو منهج فيه خلاص العالم والحل السحري لكل أزمات البشرية سياسيا واقتصاديا وفكريا واجتماعيا. ولأنني حاولت منذ سنوات البحث عن مصطلح واحد يمكن أن يكون معبرا متفقا عليه عن الليبرالية، وجدت نفسي في النهاية أمام حزمة تفاسير تصب من منبع واحد ولكنها تتناقض في امتداداتها. فالبداية المتفق عليها دائما أن الليبر هو الحر، ولكن إلى أي مدى تستمر هذه الحرية. لا أحد يتفق على سقف معين. ولهذا تتلبس الليبرالية دائما بلبوس من يتبناها، فهي أحيانا حرة إلى ما لا نهاية وأحيانا مقيدة بضوابط تجعلها ملتزمة بأسس لا انفكاك عنها. إذن الحديث عن الليبرالية لا يعني الحديث عن ليبرالية واحدة، فهناك عشرات الليبراليات التي ربما يصل التناقض بينها إلى حد الصدام. وعليه فإن من يريد أن يهجو الليبرالية يجب أن يحدد أي ليبرالية يقصد، ومن يريد أن ينافح عنها فيجب عليه أن يحدد أي ليبرالية يريد. أما الكلام المنفلت والمرسل عن ذم الليبرالية ومدحها، فأعتقد من وجهة نظري، أنه كلام عام إن لم يكن ملتبسا. ولكن الذي أعيه تماما أن الليبرالية هي الحل السياسي والاجتماعي والفكري الذي حاولت الايدولوجيات أن تتلبس به في لحظة تحولها من الشطط إلى منطقة الوسط. ولكن كل واحد شاط جاء من طرف من الأطراف التقينا في المركز كأبناء السبيل. لأننا نحلم أو نتوهم أو نطمح أو نأمل أن تتلبسنا الليبرالية في عالم أو مجتمع أو حتى أسرة راديكالية. ولأننا نعيش هذه الحالة فإنني أعتقد أن الإجابة عن سؤال : من هو الليبرالي؟، إجابة صعبة بل مستحيلة بامتياز، ومن عنده كلام آخر فليقنعني. وكل ليبرالية أو لا ليبرالية وأنتم بخير. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة