من هو المثقف؟ وماهو دوره في المجتمع؟ وما واجب المجتمع تجاهه؟ يعرف المفكر المصري الراحل زكي نجيب محمود المثقف بقوله: (هو رجل بضاعته أفكار يريد بها أن يغير وجه الحياة إلى ما هو أفضل).. برأيي الشخصي أن المثقف هو ذلك الفرد المتعلم الواعي والمدرك لواقعه العارف بالماضي والمستشرف للمستقبل والذي يصوغ رؤاه وأفكاره وفق معطيات الحياة ومتطلباتها مما يسهم في نهضة المجتمع.. لذلك فالمثقف هو عقل المجتمع وقلبه النابض الذي لا غنى عنه.. مما دعاني لكتابة ذلك هو أزمة المثقفين السعوديين وتصارعهم بسبب وبدون سبب.. فحينما أنظر إلى الدول المجاورة كمصر مثلا وأرى أساطين الفكر والأدب والثقافة مثل العقاد والرافعي وطه حسين والمنفلوطي ومصطفى محمود والمسيري هؤلاء مدارس بل جامعات تمشي على أقدامها.. فقد كان العقاد يكتب في شتى الفنون وباقتدار ويصوغ خطابا فكريا إبداعيا قل نظيره.. فقد ألف عشرات الكتب وخط مئات المقالات.. ولو لم يؤلف إلا (العبقريات) لكفته.. وقد رد على الكثير من الشبهات التي أثيرت حول الإسلام بالرغم من أنه لم يكمل تعليمه النظامي.. كذلك الدكتور عبدالوهاب المسيري (صاحب الموسوعة الصهيونية) كاتب معتدل ومنصف يحبه الجميع.. فقد ألف هؤلاء وغيرهم من أبناء مصر (مثلا) مئات بل ألوف الكتب والمقالات المفيدة خدمة للوطن والدين وزيادة في نشر الوعي والثقافة وحب الكتاب.. كلها بسواعد وطنية يفتخر الكل بها.. أما حينما أنظر إلى الجانب الآخر (عندنا) أشعر بالإحباط فالبرغم من رغد العيش ووفرة الإمكانات والدعم اللامحدود.. هنالك شح وندرة عجيبة وغياب شبه تام للمثقفين الحقيقيين الذين يساهمون في الحراك الثقافي من أجل رفعة وتطوير البلد والنهوض به إلى مصاف الدول العظمى لأن العبقرية تبدأ بفكرة.. أتمنى من المثقفين السعوديين أن يتفرغوا لما ينفع الوطن والمواطن ويتركوا عنهم المهاترات وتصفية الحسابات لأن المجال واسع وليس بحاجة إلى تزاحم ونحن في دولة الخير والعطاء.. والمفروض أن يدعم ويشجع بعضنا بعضا من أجل المصلحة الوطنية فالمرء بإخوانه.. وأخشى أن يأتي يوم نقول: أين المثقف السعودي؟!! فيقال لنا انقرض. [email protected]