غاب الحسّ الشبابي عن ملتقى المثقفين السعوديين الذي انطلقت فعالياته في الرياض، وهذا يعني أن القائمين على إدارة الشأن الثقافي في البلاد يعتقدون أن الثقافة حوزة تاريخية لا تقبل التحول والتداول بين الأجيال. ما يريد أن يعرفه عامة الناس قبل نُخبهم الثقافية، هو المعيار الحقيقي أو الرئيس لاختيار ضيوف ملتقى المثقفين؟ وقبل هذا كله: من هو المثقف؟ هل هو صاحب الإصدار؟ أم أنه كاتب المقال الحاضر والمؤثر؟ أم هو الأكاديمي المتخصّص؟ أو خريج اللغة العربية الذي قرأ المنفلوطي والعقاد؟. في ظل كل هذه الأسئلة توارى المثقف الشاب الذي يملأ الإعلام الاجتماعي صخباً -بفعل غافل- عن المشاركة في الملتقى، وحسب علمي فإن المدعوين الشباب إلى الملتقى الذي يحضره ألف شخص قد لا تتجاوز نسبتهم 5% مع حسن الظن. وهنا أقصد بالشاب المثقف الجديد الذي قدم نفسه كناشط اجتماعي في “تويتر” يتبعه الآلاف، أو ككاتب صحفي أو مدون يخطو خطواته الأولى في عوالم الرأي المفخخة، أو من له إصدار روائي أو شعري، احتفل به في منتدى إلكتروني دون ضجيج. الأسوأ من هذا كله أن بطاقات الدعوة التي كان من المفترض أن تذهب إلى المثقف نفسه ذهبت وبأعداد كبيرة إلى الجهات الحكومية، وقيل للمسؤولين في هذه الجهات: (وزّعوها بمعرفتكم)، وكأنها دعوات لفرح نسائي. تكشف هذه الواقعة أن هناك بوناً شاسعاً في علاقة المثقف بالثقافة أولاً، وهو ما يندرج تحت “البيروقراطية الثقافية”، ثم بين علاقة المثقف بالأجيال، وهو ما حمل الثقافة إلى منطقة “الشيخوخة” التي تسبق الموت.