رحم الله الأديب والكاتب العبقري مصطفى أمين.. مؤلف كتاب (لكل مقال أزمة) والذي استعرض فيه أزمة المثقف العربي والمتمثلة في كتابته للمقال فكل مقال كان يكتبه يحدث ضجة يقول في مقدمة كتابه: (أكتب كما أتنفس ولا أستطيع أن أتوقف إلا إذا وضعت يدك على فمي وكتمت أنفاسي)، ويقول كذلك: (وكم من المقالات كتبتها ولم تر النور). إنها أزمة المثقف العربي فهو تائه في صحراء لا ساحل لها.. لديه الموهبة والإبداع ولكن أعداء الإبداع له بالمرصاد.. إذا كتب مقالا أو قصيدة وغيرها انهالت عليه الاتصالات والرسائل أنت تقصد فلانا أو علانا وبدأت المشكلات، فنحن أمام مجتمع يحب التأويل والتهويل حتى أن من المضحكات تذكر كتب الأدب القديمة أن أحد الشعراء قال قصيدة لشاعر عباسي متأخر فقال له أحد الجالسين: لقد كان بين هذا الشاعر وتأبط شرا ملاحاة وعداوة، فرد عليه صاحبه وهو يضحك: سبحان الله الذي أحيا كل شيء حتى بعث تأبط شرا من قبره لكي يهجو هذا الشاعر في عصرنا.. إنها ثقافة التضليل وحب الخصومة والتحريش بين الناس حتى قل في عصرنا أن نجد من يحب أن يقرب وجهات النظر حتى لا تتسع الفجوة بين الإخوة والأصدقاء.. مجتمع يحب الخصام حتى مع نفسه.. ورضي الله عن الفاروق عمر بن الخطاب حيث قال: (لا تظن بكلمة صدرت من أخيك شرا وأنت تجد لها في الخير محملا). [email protected] [email protected]