«عينين» هو الاسم القديم لمدينة الجبيل، ولها انتسب سكانها وتسموا، مدينة هادئة على ضفاف الخليج العربي، كانت قبلة الباحثين عن العمل والتجارة والبحث عن اللؤلؤ في الأربعينيات الميلادية من القرن الماضي. فرضتها القديمة (الميناء) كانت قبلة الأبوام والجلابيت والبجارات (السفن الخشبية) التي ترد من الهند، إيران، العراق، ودول الخليج محملة (بالأرزاق) والبضائع المختلفة. استغل الملك عبدالعزيز، رحمه الله، فرضة الجبيل وبخاراتها (المخازن)، لمعالجة أزمة الجفاف، والجوع الذي ضرب الجزيرة العربية. سنة (البطاقة) كانت سنة بؤس وعوز وقحط؛ أكلت أسراب الجراد عذوق النخيل وسعفها فتركتها أعجاز نخل خاوية؛ وتقطعت سبل التجارة فحلت الكارثة. استورد الملك عبدالعزيز التمر من العراق مباشرة إلى الجبيل فقسمها إلى قسمين قسم لأهاليها، وقسم للبادية وتمويل المدن الأخرى، أول برنامج إغاثة منظم ينفذ في المملكة، نتج عنه الرضى والكفاف، برغم الحاجة والفقر وقلة الدبرة (الحيلة)، البركة أساس الخير. وتمثل خير البحر باللؤلؤ النفيس الذي حقق لأهل البلدة مصدرا للدخل، أبوام الغوص، وجلابيته سمة بارزة للبلدة الصغيرة، أسطول بحري شكل اقتصاد البلدة الصغيرة واقتصاديات البلدات القريبة والبعيدة، فأهل نجد والقصيم وجدوا في البحر مصدرا للكسب الحلال، فقدموا إلى عينين واحتضنتهم أبناء وإخوة وتعاونوا جميعا في رحلات الغوص الشاقة، وارتياد الهيرات، والمغاصات البعيدة (مواقع اللؤلؤ) فرحوا وحزنوا وكسبوا وخسروا إلا أن مكسبهم الأول كان التكاتف والتمازج والمحبة الدائمة. «أنشر النشر»، و«أخطف بلشراع العود»، الانتماء الوطني كان حاضرا، والنشر (العلم)، رمز له، ورمزا للفرحة والوفاء. والشراع العود (الكبير) رغبة في الوصول السريع إلى الأهل بعد غيبة أشهر في رحلة الغوص، والجائزة عادة ما تكون دانة، أو حصباه وقماش كثير (من مسميات اللؤلؤ). تصل الجالبوت السيف، فيستقبلها الطواويش (تجار اللؤلؤ)، والنساء والأطفال، «حياة من بعد موت» رحلة الغوص إما فرحة عارمة بكسب وفير، حين توزع القلايط (الحصص)، بين الجميع، وإما مبكية لقلة الذبيل (المحصول)، أو لفقد حبيب وقريب وعزيز، يالها من تناقضات على سيف البلدة، بكاء وعويل، وفرح وسرور، وكذلك الكون الفسيح.