لا تلبث أزمة أسعار ونفاد كميات الأسمنت أن تستقر، حتى تعاود بين عشية وضحاها، بسبب العشوائية التي يتسم بها كثير من نقاط البيع والتوزيع، ودخول العمالة الوافدة في خضم الأزمة، وابتكارها للعديد من الطرق لدعم مكتسباتها في بيع الأسمنت بالسوق السوداء التي تديره. حيث قال المواطن أحمد علي «إن سعر الأسمنت ارتفع بشكل هائل في الأيام الماضية، بسبب غياب الرقابة على الأسواق على سماسرة وتجار الأسمنت». مضيفا بأن بعض بائعي الأسمنت يقومون برفع السعر دون اتباع للتعليمات والأنظمة الموضوعة من قبل وزارة التجارة، التي يجب عليها التدخل لتوفير الأسمنت في الأسواق وبأسعار معتدلة. ويضيف إبراهيم الصبياني بالقول: إن الكثير من العمالة الوافدة تسيطر على أسواق الأسمنت في مكةالمكرمة، وهو ما قفز بسعر كيس الأسمنت من 13 إلى 21 ريالا، في ظل غياب الجهات المسؤولة عن متابعة السوق وما يجري فيها. وبين صالح الزهراني أن سعر الأسمنت تدرج من 11 ريالا إلى 13 ريالا ثم 21 ريالا للكيس، حيث يباع الآن، وهو ما فاقم من وضع الأسواق واحتياجات المستهلكين للأسمنت. مطالبا بإلزام تجار الأسمنت بالبيع بتسعيرة محددة، ومعاقبة المخالفين لذلك. من جهته، دعا عبدالله بن معتوق صعيدي رئيس لجنة المقاولين في غرفة تجارة مكةالمكرمة، إلى ضرورة تحديد مواقع مخصصة لبيع الأسمنت تشرف عليها أمانة العاصمة المقدسة ووزارة التجارة وجمعية حماية المستهلك، إضافة إلى التحكم في مسار الشاحنات الناقلة لكميات الأسمنت، وإلزامها بالتوقف في المواقع المخصصة للبيع، للإسهام في ضبط أسعار الأسمنت في حدود مستوى 14 16ريالا للكيس. مبينا أن الطريقة الحالية التي تتسم بالعشوائية في بيع الأسمنت، ساهمت في حدوث أزمة بالأسواق، فعمليات بيع الأسمنت تجري أحيانا على الطرق ومحطات الخدمات، والأراضي البيضاء، كما أن موزعي الشاحنات لا يصلون إلى نقاط البيع، مما ساهم في خلق نوع من الفوضى ونشوء سوق سوداء للبيع والتلاعب في الأسعار، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع سعر كيس الأسمنت من 14 ريالا إلى 22 ريالا خلال الشهرين الماضيين. كما أن المستهلك أصبح بنفسه هو من يبحث ويلاحق الموزعين وأصحاب الشاحنات. إضافة إلى أن أزمة سوق الأسمنت ليست جديدة، فهي تحدث في العام الواحد على الأقل مرتين، لذلك يجب ألا تمر مرور الكرام، ولا بد من دراستها من قبل اللجنة الوطنية لشركات الأسمنت في مجلس الغرف السعودية، التي أعلنت في اجتماعها الأخير أنه لا يوجد أي مبرر لارتفاع الأسعار في بعض مناطق المملكة، خاصة أن جميع الشركات ملتزمة بالبيع بسعر 13 ريالا للكيس (تسليم المصنع) وهو السعر المحدد منذ ما يقارب ال30 عاما، كما يتطلب من اللجنة الوطنية لشركات الأسمنت دراسة وضع السوق وتحديد المسببات وإحالتها إلى الجهة المعنية لتنظيم أسواق الأسمنت ومنع حدوث أية أزمة في المستقبل. وبين صعيدي أن شركات الأسمنت مطالبة بزيادة الإنتاج، خصوصا في الأوقات التي تلي إعلان الميزانية العامة، والتي تشهد طرح مشاريع كبرى في عدد من مناطق المملكة، لمواجهة الطلب المتزايد، وتقدير حجم الاحتياج السنوي لأسواق الأسمنت، ووضع خطط مستقبلية لمواجهة أي نقص في المعروض، خصوصا في الأسواق الكبيرة في المدن والمناطق ذات المشاريع الكبيرة، مشيرا إلى أن الأزمة الأخيرة في سوق الأسمنت تسببت في توقف بعض المشاريع وحدوث خلافات في العقود بين المقاولين والملاك بسبب التفاوت في الأسعار وشح المعروض في الأسمنت. وفي محافظة الطائف، خرجت سوق الأسمنت عن سيطرة إشراف فرع وزارة التجارة في المحافظة، ولم يكن بمقدور مراقبي الوزارة مواجهة المتجاوزين في السوق للحصول على كميات كبيرة من الأسمنت وبيعها بسعر يفوق التسعيرة النظامية. وخلال جولة «عكاظ» في سوق بأم السباع بمحافظة الطائف، تم بيع 11 شاحنة أسمنت وفرها المتعهدون، بإشرف مراقبي التجارة، وجرى توزيع 40 كيسا لكل مستهلك بسعر 15 ريالا للكيس، إلا أن باقي الشاحنات في السوق لم يستطع المراقبون الإشراف على بيع حمولتها، خاصة أن ملكيتها لا تعود للمتعهدين. وقد أحاط عدد من المتجاوزين من أصحاب الشاحنات الصغيرة (الدينات)، بسبع شاحنات أسمنت بمجرد وصولها إلى السوق، والتمكن من شراء حمولتها، ومن ثم بيعها على المستهلكين بسعر 25 ريالا لكيس الأسمنت. وأوضح مصدر مسؤول في فرع وزارة التجارة بالطائف، أن مراقبي التجارة لم يستطيعوا السيطرة على عملية بيع سبع شاحنات لغير المتعهدين، بسبب وجود المتجاوزين من أصاحب الشاحنات الصغيرة، الذين قاموا بالتهجم لفظيا على المراقبين، ما استدعى الى إعداد محضر بذلك. وعلى خلاف ما جرى في الطائف، لم تتدخل الدوريات الأمنية في المدينةالمنورة لفض اشتباكات سوق الأسمنت الرئيسية بمخطط باقدو، حيث تكفلت الرياح بإثارة الأتربة والغبار في تفريق طوابير المنتظرين للحصول على الكميات المخصصة من الأسمنت، بواقع 50 كيسا لكل مستهلك. وأوضح المواطن كامل محمد، أنه ورغم تحديد كميات بيع الأسمنت على المواطنين، إلا أن سعر الكيس وصل إلى أرقام قياسية. مضيفا بأن نقل الأسمنت يكلف أصحاب (الدينات) من الناقلة إلى مكان البناء، ما يقارب ال40 ريالا، وهو السعر الذي يرتفع بعد فترتي الظهر والعصر ليصل إلى 100 ريال، وهو استغلال لحاجة المواطن، مما يتطلب التدخل من الجهات المسؤولة، وفي مقدمتها وزارة التجارة.