استمتعت بمتابعة ندوة «رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وتطبيقاتها للإصلاح المالي والإداري، ورفع الأداء الحكومي ومكافحة الفساد»، والتي عقدت ضمن فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة. أخذتني الندوة في رحلة مفيدة وإبحار ثري مع الأوجه المتعددة المرتبطة بالهيئة ودورها في مكافحة الفساد. هناك نقطتان مهمتان تلمستهما من خلال النقاش، النقطة الأولى حول إشكالية تطبيق الكثير من القرارات بشكل جيد على أرض الواقع، إذ غالبا ما تصدر القرارات أو التنظيمات بشكل جيد إلا أنها سرعان ما تبدأ في «التحلل والذوبان» كلما نزلت إلى مستوى التطبيق، كما ذكر الدكتور عبدالعزيز الدخيل. وهذا واقع ينطبق على الكثير من القرارات، ولكن الكارثة أفدح حينما يتعلق الأمر بمكافحة الفساد، حيث إن تلك القوانين ترتبط في نهاية الأمر بكل أوجه الحياة التي يتأثر بها كل فرد من أفراد المجتمع غنيا كان أم معدما. النقطة الثانية هي حول دور المواطن في تنفيذ ما يصدر من قرارات، فالقرارات ليست إلا تنظيمات تظهر قيمتها عند التنفيذ والتطبيق والالتزام والمتابعة، والتطبيق دائما يقوم به البشر داخل النظام في مختلف مستويات الهرم التنفيذي. وهنا لا بد من أن يكون للمواطن الذي يشكو دوما من الفساد دور في مساعدة الهيئة على تنفيذ قراراتها التي أعلنتها للقضاء على ما يظهر للعيان من أشكال الفساد وممارساته. ولقد أكد المسؤولون استعداد الهيئة والأجهزة الرقابية فيها لاستقبال أي بلاغ عن فساد من أي مواطن إذا كان لديه ما يدعم تبليغه. كلنا يعرف الفساد بأي صورة ظهر وأي شكل اتخذ، غير أننا لا نساهم في تنفيذ القرارات للوقوف ضد المفسدين تحسبا «للواسطة»، وخوفا من العواقب، لنبدأ بالتعامل مع الفساد أينما وجد وعلى كل المستويات، ولنذكر أنفسنا دائما أن القرار الملكي الكريم لم يستثن في محاربة الفساد «كائنا من كان».