بعد 20 عاما من البقاء خلف القضبان، تنفس السجين هادي آل مطيف، رائحة الحرية للمرة الأولى فجر أمس، ليجد نفسه في أحضان أسرته في منزلهم في الرويكبة شرق مدينة نجران، بعدما وقع صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة نجران، أوراق اطلاق سراحه. وفيما لم يتوقع السجين أن تكون لحظة الإفراج عنه بعد منتصف الليل، طالت مسامعه البشارة من الأمير مشعل بن عبدالله، الذي اتصل به هاتفيا، مباركا له عفو خادم الحرمين الشريفين، ومهنئا إياه، ومبشرا بتوجيهات الملك عبدالله بهدية له ستراها عيناه في القريب العاجل، عندما يزوره في مكتبه بالإمارة، الهدف منها تحسين أوضاعه، وتعويضه عما فاته. غمرت الفرحة آل هادي، ليسرد ل«عكاظ» تفاصيل شعوره في اليوم الأول من عودته بعد طول غيبة لمنزل أسرته، مؤكدا أنه لا يملك وصف شعوره، وهو يلمس عفو ملك، وتواضع أمير: «فاجأني ليلا ليبشرني بالخروج من السجن، وتوقيعه أمر الإفراج، فلم أتحمل الأمر، فلهجت بالدعاء لقيادتنا الرشيدة، التي لطالما أياديها البيضاء تطال القاصي والداني، وتذكرت وقتها مقولة خدم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله: سأضرب بالعدل هامة الجور والظلم، فنحمد الله على ما من علينا من شعب، وما من علي من فضل وهبة، وكرم لا يوصف». وفيما كان ابن مطيف يترقب الإفراج عنه بصدور العفو الكريم، لم يتوقع أن يأتيه الخبر ليلا ومن سمو أمير نجران شخصيا، مضيفا: «ما لمسته من عطف وإنسانية من قيادتنا الحكيمة، جعلني متفائلا، لكنني فوجئت بالمكالمة وأمر الإفراج في توقيت لا أعتقد أنه تم إطلاق سراح سجين خلاله، لكنني أعتقد أن التوجيهات الكريمة من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده، والجهود المباركة من سمو أمير نجران، ودعمه قضيتي أمام ولاة الأمر، هي السبب في تسريع إجراءات الإفراج عني في هذا التوقيت». وبين ابن مطيف، أنه خرج من باب السجن بكفالة الشيخ صمعان بن جابر بن نصيب شيخ شمل قبائل مواجد يام، مضيفا: «أسعدني أن أسلم عليه سلاما يليق بشخصه الكريم، ومقدرا حضوره في هذه الساعة المتأخرة من الليل، وكانت جهوده بارزة ووقفته قوية لدعم قضيتي». وأكد هادي آل مطيف بأن من محاسن قضيته تشرفه بلقاء سماحة مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدائمة للإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، وكثير من الفضلاء: «الذين هونوا علي مصابي، ونصحوني بأن أبدأ حياتي مستفيدا من هذه التجربة، ومتحملا مسؤولية هذا التعاطف والثقة، وبأن أكون مواطنا صالحا وفعالا في هذا المجتمع وعلى أرض هذا الوطن، ووعدتهم بذلك وأكرر التزامي به». وأشار إلى أنه فور خروجه من السجن توجه إلى منزل والدته: «استقبلتني بمشهد لم أراه في حياتي، إذ انفجرت دموعها، وعلت ابتسامتها محياها، وكان لقاء لا ينسى في حياتي، وكذلك الحال في اللقاء مع أخوتي». من جانبهم عمت الفرحة أوساط عائلة هادي الذين شاركوه الفرحة الكبرى بالخروج من السجن، وعبروا ل«عكاظ» عن بالغ شكرهم وعميق امتنانهم لإنسانية خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، وجهود أمير منطقة نجران في الإفراج عن ابنهم بعد إن مضى 20 عاما داعيا الله أن يحفظ ولاة الأمر وأن يديم نعمة الأمن والأمان لحكومة خادم الحرمين الشريفين. من جهتها باركت جمعية حقوق الإنسان، ممثلة في عضوها بنجران زيد بن علي آل شويل، للسجين السابق، ابن هادي إطلاق السراح، وذلك خلال زيارته في منزل إخوته من أمه. وأوضح آل شويل ل«عكاظ» أن: «جمعية حقوق الإنسان منذ تأسيسها عام 1425ه وهي تتابع قضية السجين هادي، وكان ملف قضيته مطروحا على طاولة الجمعية، ومحمولا في قلب كل منتسب إليها، وفي مقدمتهم رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور مفلح القحطاني، والذي بارك هاتفيا الإفراج عنه»، مشيرا إلى أنه لمس تعاطف القيادة الحكيمة مع السجين، خلال سجنه، ومبينا أن الجمعية تلقت تسهيلات لمقابلة السجين داخل السجن، كما كانت إنسانية الأمير مشعل بن عبدالله واضحة للعيان، فيما كانت لكلمات سماحة المفتي دور بارز في حياة هادي.