لم تكن كلمة خادم الحرمين الشريفين لمثقفي الوطن والأمة، على هامش فعاليات مهرجان الجنادرية استثناء مغايرا للمألوف، أو حدثا خارج السياق.. بل هي امتداد حقيقي لموقف جوهري وأصيل جسده الملك عبدالله على أرض الواقع وبالأفعال لا بالأقوال آلاف المرات. وكان في كل مرة من المرات يرفع من سقف صلابة هذا الموقف ومتانته وإنسانيته إلى أقصى الحدود، دفاعا عن الإسلام والعروبة والقيم والأخلاق بل ودفاع عن الإنسانية جمعاء. والمتأمل لمضمون خطاب الملك عبدالله يجد أنه لخص في مفردات قصيرة موقفا شاهقا واستثنائيا ونبيلا، وبين للعالم أجمع معنى القوة ومفهوم الزعامة. فسياسيا لم يكن موقف خادم الحرمين من الأوضاع في الشقيقة سوريا محايدا، بل صريح إلى أقصى درجات الصراحة حين وجه الكلمات إلى المعنيين بها ووضع يده على الجرح مباشرة، مستندا في ذلك إلى قوة العدل التي ينطلق منها حين قال تعليقا على الدولتين (روسيا والصين) التي وقفتا ضد قرار مجلس الأمن بشأن سوريا، (هذه الدول لا يمكن أن تحكم العالم بأكلمه، العالم يحكمه العقل والإنصاف والأخلاق). ولم يتوقف خطاب خادم الحرمين الشريفين عند هذا الحد، بل تجاوزه صراحة وصرامة حين أضاف (كنا نعتز بالأمم المتحدة لتنصف، وما حدث لا يبشر بخير، فالثقة اهتزت). أجل من يستطيع أن ينكر أن ضمير العالم وقف موقف المذهول من النقض الروسي الصيني لقرار إنقاذ الشعب السوري من ماكينة القتل والطغيان. أما فكريا وإنسانيا فإن رمز الإنسانية الأبرز لدى كل شعوب العالم كما شهدت له جل الاستفتاءات العالمية، لم يغفل عن ضمير الأمة ورمز الثقافة ودعاة التنوير حين فتح قلبه وخاطبهم بإنسانية مرهفة وفكر متقد، وقال لهم من القلب إلى القلب (أنتم كافحتم لخدمة دينكم ووطنكم والمملكة تفتح ذراعيها لكم ولكل إنسان فيه خير لدينه ووطنه). حفظ الله خادم الحرمين الشريفين ذخرا لوطنه وأمته وفرج اللهم كربة أشقائنا في سوريا، وأرشد العالم إلى سواء السبيل.