كان البعض إلى وقت قريب يتحرجون من ذكر اسم الأم أو الأخت الشاعرة والأديبة حتى وإن كانت إحداهن تحمل فكرا يفوق عشرات الرجال، كثير منهن قمعت أفكارهن وحجبت إبداعاتهن بحجة أنها امرأة يجب ألا تتعدى محيط أسرتها. بالغنا كثيرا في ترديد أن المجتمع ذكوري حتى أصلناه كمصطلح دأب البعض منا على ذكره دون التنبه إلى سبب وجوده أو حتى مرجعيته، مارس بعضنا كل أشكال الإقصاء لنصف المجتمع وأجهضت كثير من الرؤى والقراءات الأدبية، بل أعتقد أن نتاجا أدبيا بأكمله لم ير النور وظل قابعا تحت سطوة الجهل في سراديب العادات والتقاليد والخوف من نظرة المجتمع وبعضه منحوت على وريقات أبلاها الزمن وكثرة الإخفاء عن أعين (القامعين) وكأن الأدب وصمة عار للأنثى. بعض الفتيات جف قلمها وأخرى كسر، إلى أن أشرقت شمس الإعلام الجديد، حيث شكل هذا الفضاء نافذة مهمة للمرأة المميزة للكتابة والتواجد والمشاركة في الحراك الثقافي والاجتماعي دون قيود أو شروط. استفادت المرأة من مواقع التواصل الاجتماعي في مجتمع يؤطر تحركاتها وفق مساحة ضيقه تحددها العادات والتقاليد في كثير من الأحيان، وانطلقت من خلال الحقل الإلكتروني تغرد وتزف إبداعاتها على صفحاته، فهنا خاطرة وهناك قصيدة وتلك مقدمة لرواية جديدة. بيد أن هذا الفضاء الحر لم يحرر بعض تلك الأسماء، فما زالت هناك أسماء نسائية تكتب بأسماء مستعارة ورغم تواجدها مستترة خلف هذا الاسم الوهمي إلا أن البعض منهن حقق شهرة واسعة، ولعلنا هنا نؤكد أن الاسم المستعار لا يقيد الإبداع، ففي عام 1859م نشرت رواية (adam bede) لكاتب اسمه جورج إليوت وما إن نشرت تلك الرواية حتى لاقت نجاحا باهرا، وبدأت التكهنات حول هوية ذلك الكاتب الجديد الذي ثبت بعد ذلك أنه اسم مستعار للروائية الإنجليزية (ماري آن ايفانس) والتي اعترفت بعد ذلك بأن جورج إليوت هو اسم مستعار حقق لها الشهرة، التي كانت تتجنب السعي لها باسمها الصريح خوفا من أن ينتقدها المجتمع ولا يتقبلون رومانسيتها في الرواية لمجرد أنها امرأة. الغريب في الأمر أننا دخلنا العام 2012م ومازالت النظره ضبابية تجاه الأنثى في كل شيء فما المشكلة في أن تكتب نورة وسعاد وفاطمة بأسمائهن، هل تذكر مجتمعنا الخنساء وتساءل هل كانت تجد حرجا في ذكر اسمها على قصائدها؟. [email protected]