لم تنجح الجامعة العربية في دفع مجلس الأمن لتمرير القرار الذي استند إلى مبادرتها بخصوص الأزمة السورية، حيث لم تتم الاستجابة إلى بعض المطالب الروسية والصينية لتعديل القرار، وجاء الفيتو الروسي والصيني ليحول دون تمريره، وكان الموقف الروسي قد تركز حول ضرورة عدم تحميل العنف الجاري في سورية للحكومة وحدها، واشتراط انسحاب المجموعات المسلحة من الشوارع بالتزامن مع انسحاب الجيش السوري منها، وعدم الالتزام بالجدول الزمني للمبادرة العربية، وهو تقريبا نفس موقف النظام السوري، والذي يتضمن في جوهره حصول النظام على فرصة زمنية تتيح له استخدام كافة وسائله العسكرية والأمنية لاستئصال المعارضة. ومن الطبيعي في ضوء الفشل في تمرير القرار، أن ترتكز الحركة السياسية للقوى الدولية والإقليمية في مواصلة العمل على تغيير الموقف الروسي والصيني وذلك لتعديل مواقفهما وبالتالي إعادة طرح قرار آخر للمجلس تتم إعادة صياغته لتحقيق ذلك، ومن المرجح أن يتوافق مع ذلك فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية والعسكرية على النظام السوري، وإن كان التأخير في استجابة النظام للضغوط الاقتصادية والسياسية ينذر بتصاعد حرب أهلية أكثر اتساعا في سورية. إن الفشل في تمرير القرار يمكن أن يعطي رسالة خاطئة للنظام السوري تدفعه لمواصلة التزامه بالحل الأمني، كما أنه يمثل نوعا من الإحراج لموقف الجامعة العربية، التي يتعين عليها مواصلة حركتها بصورة أكثر إيجابية، ومن المرجح أن تتكثف الاتصالات مع الصين وروسيا لتغيير موقفهما، حيث لا يزال الموقف الروسي أكثر تصلبا بالنظر للمصالح الاستراتيجية لروسيا في سورية والتي تدرك أن تغيير النظام سوف ينقل سورية إلى المعسكر المضاد ويهدد المصالح الاستراتيجية لموسكو، وإن كان من المرجح أن يتغير الموقف الروسي إذا ما توافرت الحوافز الغربية والعربية التي يمكن أن تسمح بذلك. • نائب مدير المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط القاهرة