مع تواصل سقوط الضحايا من أبناء الشعب السوري؛ حيث لا يمر يوم إلا ويُقتل عشرات الشباب، واتساع نطاق المواجهات بين الجيش السوري والمنشقين الآخذين بالازدياد والمنتشرين في أكثر من مكان في القطر السوري، لم تعد القوى الدولية، التي ظلت حتى وقت قريب تغض النظر عن الجرائم التي يرتكبها النظام السوري، صامتة عما يجري في سوريا؛ لأن موقفها هذا سيجعلها تخسر الكثير من المصالح في سوريا وفي المنطقة العربية المتعاطفة شعوبها مع ثورة الشعب السوري. أولى هذه القوى الدولية، التي ظلت تقدم الدعم الدولي للنظام السوري حتى وقت قريب، روسيا التي هالها ارتفاع أرقام القتل؛ فبادرت بتقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي يدين عمليات القتل والجرائم الإنسانية التي تتم على الأراضي السورية. مشروع القرار الدولي، الذي قدمت روسيا مسودته إلى مجلس الأمن الدولي، لا يمثل كل الطروحات الروسية ولا المطالبات الدولية باتخاذ إجراءات ملموسة تُثني النظام السوري، وتجبره على الاستجابة لتطلعات الشعب السوري، إلا أن مجرد تقديم مقترح من قوة دولية ظلت - وحتى الآن - تعرقل الجهود الدولية لاتخاذ موقف حازم يوقف جرائم الحرب، التي يرتكبها النظام السوري، يُعَدّ يقظة روسية ومعالجة لما فات من تراخٍ مع حليف لم يسمع النصائح التي وجهتها القيادة الروسية له. ولهذا فإن التحرك الروسي في مجلس الأمن يعتبره المتابعون للشأن السوري بداية في ابتعاد الحلفاء عن النظام السوري. وقد سبق الموقف الروسي إشارات من الصين، التي حتماً ستلحق بروسيا بعد أن هالها حجم التجاوزات والخروقات التي يرتكبها حكام دمشق، والتي تُترجم إلى أرقام قتل ترتفع يومياً. موقف روسيا وترقب موقف مساند من الصين لهذا الموقف سيُطلق يد مجلس الأمن الدولي لمعالجة الوضع في سوريا، خاصة بعد تعثر الجهود العربية، التي لا تزال أنظمة عربية أخرى تعرقل عملها. وإذا ما فشلت الجامعة العربية في ترجمة جهودها بوضع حدٍّ لعمليات القتل اليومي فإن الملف السوري مآله الوصول إلى مجلس الأمن الدولي، الذي سيكون أكثر تماسكاً من جامعة الدول العربية، التي لا تزال أسيرة مواقف بعض الأنظمة العربية التي تساند جرائم النظام السوري لاعتبارات خاصة بها، بعضها يتعلق بتخوف النظام بها أن يصيبها ما أصاب النظام السوري، وأخرى لنوعية تحالفاتها مع الحليف الإيراني، الذي يرى في وجود النظام السوري قنطرة توصله إلى تحقيق أطماعه في المنطقة العربية.