تدور روايات الجواسيس السينمائية في عوالم مليئة بالغموض، تقوم في المقام الأول على إحداث الإثارة فمن الصعب أن تنفصل هذه السمة عن أي من هذه الطروحات، فيما اتسمت كليا بدورانها حول الجاسوس أكثر من التعمق في عملية التجسس،ورسمت هذه الأعمال أجواء قاتمة،شديدة التعقيد والسرية، تحدث فيها جرائم قتل أو سرقة، فتتوالى أحداثها محاطة بهالات من الإبهار والمغامرات، فإذا كانت مفردة (الاستخبارات) تعني في أكثر من لغة أجنبية (الذكاء) فإن هؤلاء الجواسيس يقومون بحرب الذكاء، المنتصر فيها هو الأكثر ذكاء. وقد عرفت الروايات العديد من الرموز العالمية، يتقدمهم جون لوكايه وكين فوليت قديما وأيان فولمنج وصالح مرسي حديثا، إلا أن الجاسوسية وأفلامها كما يقولون صناعة بريطانية، عبر الكاتب ابان فلمنج الذي قدم شخصية (جيمس بوند) وهي شخصية حقيقية عرفها الكاتب عام 1938 م وكان يعمل برقم كود (007)، على عكس ماقيل عنها أنها شخصية خيالية،فيما قدمت السينما العالمية أيضا أعمالا أخرى عالمية تتمحور بين التجسس في الحربين العالميتين ثم الحرب الباردة بين الشرق والغرب، فالكاتب كين فوليت قدم (ثقب الإبرة) و (العميل الثلاثي) و(المفتاح أربيكا) و(كذبة الأسد) و(رجل من سان بطرسبورج) و(تمويل آخر) و(نصيحة موربلياني) ،فيما قدم جون لوكايه أعمالا عديدة (جاسوس آت من الصقيع) و(المسافر السري) و(مرآة الجواسيس) و (جاسوس عريق) و(مدينة صغيرة في ألمانيا). ويرى المراقبون للسينما أن أكثر من 90 في المائة من الأعمال السينمائية أو الدرامية التليفزيونية هي من وحي الخيال، إلا أننا لايمكن أن نغفل العديد من الأعمال كانت لها أرضية تنطلق منها، فالكاتب يحرص على أن يشد الانتباه من خلال تعاطيه مع الأحداث بتوسع في محاولة لتجاوز المعلومة الصغيرة التي أعطيت لها، يبحر للوصول من خيال الخيال والتأمل إلى الحقيقة التي وقعت، فيسعى هؤلاء الكتاب في أغلب الأحيان إلى وضع أحداث جديدة في نص المستمد من الواقع، لتكون الرؤية الدرامية مكتملة الصورة في سعي مستمر لمداعبة الغرائز والبحث عن عناصر التشويق، والإمساك بلهاث المشاهد والارتفاع بحاجز الإثارة إلى أقصى حدود المدى. وتسعى السينما العربية هذه الأيام إلى إعادة تسليط الضوء على هذا اللون السينمائي والروائي عبر إنتاجها العديد من الأفلام والمسلسلات الجديدة، حيث قدمت مؤخرا فيلم ( أولاد العم) ومسلسلي (حرب الجواسيس) و (عابد كرمان) ، حيث اقتنع المنتجون بأن هذه الأعمال هي الأقرب من وجدان المتلقي، وهي مصدر حقيقي لكسب الأرباح المضاعفة. و قدمت السينما المصرية العديد من الأفلام في هذا الاتجاه فيلم (داليا المصرية) بطولة صلاح ذو الفقار ومديحة سالم وحسن يوسف وإخراح رفعت قلدس، وفيلم (إعدام ميت) بطولة الفنان محمود عبدالعزيز وفريد شوقي ويحيى الفخراني وإخراج علي عبدالخالق، وفيلم (فخ الجواسيس) بطولة محمود عبدالعزيز وهالة صدقي وإخراج أشرف فهمي، وفيلم (عملية الكافير) بطولة الإعلامي طارق علام وعبير صبري وإخراج علي عبدالخالق الذي قدم أيضا فيلم (بئر الخيانة)، وأيضا هناك أفلام سينمائية قدمتها الفنانة نادية الجندي منها (مهمة في تل أبيب) و(حكمت فهمي) اهتمت فيها ضمن إطار موضة أفلام الجاسوسية التي تصاعدت في نهاية الثمانينات إثر نجاح الفنان محمود عبدالعزيز في مسلسله (رأفت الهجان)، كما أننا لا يمكن أن نغفل النجاح الذي حققه النجم محمود ياسين في (الصعود للهاوية) عام 1978 م عن قصة صالح مرسي وإخراج كمال الشيخ.