من يتأمل غرور الأنا منذ بدأ خلق آدم عليه السلام يجدها نزعة شر وكبر وإعجاب تنطوي عليها صدور الكثير من الفطاحلة التعساء ممن آتاهم الله من فضله ليبتليهم وليختبرهم، فإذا بهم سريعا يتساقطون في وحل الخيلاء والإعجاب ويهوون في مهاوي الكبر والغطرسة، متناسين شكر المنعم وجاحدين فضل المتفضل، فينالهم من اللعن والقبح والعذاب ما لا يعلمه إلا الله جزاء وفاقا. فبدأ بإبليس ورفضه السجود لأبينا آدم عليه السلام استكبارا وفخرا واستعلاء) قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين (فكان جزاؤه اللعن والطرد من رحمة الله.. ثم النمرود كما تقول الروايات على عهد إبراهيم الخليل عليه السلام، حيث ادعى في محاورته مع إبراهيم أنه يحيي ويميت) عندما قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت... (فكان جزاؤه أن سلط الله عليه أضعف خلقه) البعوض، يقال أنها دخلت من أحد منخريه إلى أن استقرت في دماغه. فكانت إذا حركت جناحها لم يسكن ألمه إلا بضرب وجهه بالنعال. سبحان الله أحد جبابرة الأرض يضرب وجهه بالنعال ليسكن ألمه وهو يدعي أنه يحيي ويميت. نعم إنها مشيئة الله الذي هو فعلا يحيي ويميت... ثم فرعون عليه من الله ما يستحق يقول (أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون، أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين) يقصد موسى (عليه السلام أثناء محاورات ومناظرات جرت بينهما لعل فرعون يهتدي ويؤوب إلى ربه إلا أنه طغى وتجبر واستعلى) عندما قال أنا ربكم الأعلى... (فكان جزاؤه الغرق وجر على نفسه وعلى قومه الخزي والعار واللعن) ويوم القيامة هم من المقبوحين (هذه أمثلة لمتكبرين لم يرد الله جل وعلا لهم الهداية فأمتلأت صدورهم كبرا واستعلاء وخيلاء وعجبا، وكان ذلك سبب هلاكهم وخسرانهم وندامتهم وحسرتهم..! فاربأ بنفسك أيها اللبيب عن ذلك المرض العضال المورد إلى الهلاك والدمار. وإياك والعجب بنفسك أو بإنجازك، وليكن هدفك المشاركة في البناء والإصلاح ما استطعت وأسأل الله التوفيق وتوكل عليه. ولتكن متواضعا حسن الخلق بشوشا أمينا صادقا شكورا لله على نعمائه صبورا على بأسائه. علي بن سالم القرني