تبرز القرية التراثية في كورنيش جازان الجنوبي كمعلم حضاري يرمز لحقبة زمنية عريقة من تاريخ منطقة جازان العريق والمرتبط بحاضرها المزدهر حيث يبدو في القرية ماضي المنطقة ماثلا للعيان في صور حية وأنماط ترمز للتنوع الثقافي والحضاري تبعا لبيئة المنطقة وتضاريسها. وجاءت فكرة إنشاء القرية التراثية بتوجيه من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير المنطقة عند إطلاق مهرجان جازان الشتوي الأول عام 1429ه بإيجاد مقر دائم يتم من خلاله تقديم تراث المنطقة وآثارها التقليدية في المهرجان الوليد الذي حقق نجاحات باهرة طيلة السنوات الماضية فشرعت الجهات المعنية مباشرة في إنشاء القرية في موقع متميز بالكورنيش الجنوبي في جازان وأصبحت مقرا دائما لمهرجان جازان الشتوي. ومع اقتراب الموسم الرابع لمهرجان «جازان الفل .. مشتى الكل» الذي يصادف يوم الأربعاء المقبل تبدو القرية على أهبة الاستعداد لاستقبال واستقطاب الزوار، ففي القرية يجد الزائر نفسه واقفا أمام تجسيد متكامل لتاريخ منطقة جازان ببيئاته المتنوعة، فللوهلة الأولى يقف الزائر عبر بوابة القرية أمام البيت الجبلي بطوابقه الثلاثة وعمرانه الصلب وقوة التصميم ومتانته الملائمة للبيئة الجبلية التي تحولت منذ القديم بيوتا وعمرانا ومدرجات وحقولا زراعية وبهجة وحياة. ويجد الزائر بخطواته داخل القرية البيت التهامي «العشة الطينية» ، فهناك تبرز بساطة الحياة التهامية وأناقتها عبر شكل العشة المخروطي وأصوات الأواني المعلقة بداخلها «وطراحتها» الممتدة والقعادة الخشبية والميفا المنصوب في الجوار. وبخطى بحرية ينتصب البيت الفرساني وسط البحر مرتبطا بجسر مع القرية التراثية، وهنا تجسيد حقيقي لجزيرة فرسان التي تبدو ماثلة ببيتها حيث البحر واللؤلؤ والأصداف. أما وسط القرية فحركة تجارية عتيقة عبر السوق الشعبية بمعروضاتها الأثرية والتراثية والأواني التقليدية والنباتات العطرية، هنا تفوح رائحة الفل والكادي. وتستعد القرية التراثية بجازان لاستقبال الزوار عبر مهرجان جازان الشتوي الرابع، فهي وبكل ثقة ستكون تدوينا حقيقيا لحقبة غابرة لإنسان المنطقة القديم الذي طوع موارد البيئة الطبيعية منذ قديم الزمن فتحولت بيوتا وأواني وأثاثا بل تحولت عملا وجهدا وحياة فغدت حضارة ماثلة يتباهى بها إنسان الحاضر ويعمل على التواصل معها عبر القرية التراثية ليربط بين أجيال الماضي وأجيال الحاضر.