تعاني الآثار التاريخية كالقلاع والحصون المزودة بالنقوش الألمعية التي تزين جدران وردهات المنازل في قرية الجرف القديمة (إلى الشمال من محافظة رجال ألمع)، من الإهمال، فيما تعرض البعض معظمها للتخريب والتشويه وسط تذمر الأهالي إزاء تاريخ المنطقة الذي بدأ من يشعر به أنه أصبح قاب قوسين أو أدنى من الاندثار. فقلاع وحصون القرية التي تعود إلى ما قبل 400 عام، والمسجد القديم الذي يتوسط القرية، وكذلك القلاع والحصون الموجودة في قرية الجرف، تعرضت للعبث وطمست أجزاء كبيرة من معالمها. وقال أحد المهتمين بالتراث في المنطقة إن آثار قرية الجرف التي تعتبر جزءا من تاريخ المنطقة وذاكرتها تعرضت للتخريب، مشيرا إلى أن البعض من أهالي القرية لم يفضل الخروج منها، بل فضل البقاء وقام بترميم منزله القديم، مؤكدا أن أهالي القرية ينتظرون تحركا رسميا لمعالجة الوضع الذي آلت إليه القرية. وذكر أن في القرية حصونا وقلاعا نادرة البناء، وناشدوا الجهات ذات العلاقة ممثلة في الهيئة العامة للآثار بالتدخل للمحافظة على ما تبقى من هذه الآثار. وأكدوا أنها كانت تعد في ذلك الوقت من أهم المراكز التجارية التي يقصدها العديد من المتسوقين من داخل المحافظة وخارجها. وأوضح نائب عشيرة آل موهوب «فايع يعقوب» إلى أن هناك مطالبات منذ زمن طويل لتأهيل قرية الجرف الأثرية، وأيضا هناك مطالبات مقدمة لبلدية المحافظة بفتح طريق سياحي لذات القرية، وقد صدر توجيه من أمير منطقة عسير صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بفتح الطريق فورا، من خلال الخطاب الموجه إلى محافظ رجال ألمع في ذلك الوقت محمد بن سعود أبو نقطة المتحمي، والمعطى للهيئة العامة للسياحة والآثار صورة منه، حيث أيد أمير منطقة عسير ما رفعه محافظ رجال ألمع في ذلك الوقت محمد بن سعود أبو نقطة المتحمي على محضر اللجنة، مضيفا إلى أنه سبق أن وقفت لجنة مكونة من وكيل المحافظ، مدير الدفاع المدني، رئيس المجلس البلدي، مدير المشاريع في البلدية، مندوب من الهيئة العامة للسياحة في عسير، مندوب آخر من شرطة المحافظة، واتخذ بذلك محضر تضمن المسارعة بفتح طريق للقرية فورا ودراسة لإعادة تأهيل القرية، وكان ذلك قبل ثلاثة أعوام وقبل سنة وصل وفد من الرياض من الهيئة العامة للسياحة والآثار ووقف على القرية. وزاد يعقوب «سبق وأن زار أمير منطقة عسير صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد والأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار محافظة رجال ألمع وتم تسليمهما ملفين يحويان كل ما يتعلق بهذه القرية الأثرية التي تحتوي على العشرات من القصور الأثرية والقلاع الحربية، ذات النمط المعماري التاريخي المتميز، ونحن نتطلع إلى إعادة تأهيل القرية بما يجعلها رافدا سياحيا آخر لمحافظة رجال ألمع، لاسيما أن موقعها استراتيجي، وذات مطلات جميلة على مدينة الجرف الجديدة، وأشار إلى أن القرية أثرية وتحتوي على القصور والقلاع الحربية، حيث بلغ عدد القلاع الحربية اثنتين حيث ما زالتا باقيتين حتى الآن على الرغم من مرور مئات السنين إلا أنهما ما زالتا محتفظتين بتفاصيلهما، وقد أنشئتا في موقعين مطلين على القرية وهما بمثابة الحماية لأهالي القرية من اللصوص في ذلك الوقت، وهي حاضرة رجال ألمع، حيث كانت تحتوي على العديد من الدكاكين التي يبلغ عددها آنذاك أكثر من ثمانية دكاكين، وكان يقصدها المتسوقون من كافة قرى وهجر محافظة رجال ألمع ومن خارج المحافظة، حتى إنه كان يقصدها متسوقون من محافظة بيشة. وكشف أحمد بدوي (65 عاما من سكان القرية والمرشد السياحي للقرية والوحيد الذي رافق «عكاظ» في جولتها على القرية)، أن القرية قبل 200 عام كان يطلق عليها (معتق) نسبة إلى ارتفاعها وإطلالها على المحافظة، وبنيت وأسست في وقت لا دولة ولا حكم ولا أمن في ذلك الوقت، حيث إن موقعها الاستراتيجي ساهم في صعوبة مهاجمة اللصوص أو عصابات نهب الأموال للقرية. وزاد: إن القرية يخترقها نفق يبلغ طوله أكثر من 200 متر وجميع من في القرية في ذلك الوقت كان يستخدم هذا النفق، ولازال موجودا إلى الآن، حيث إنه يؤدي بمرتاديه في الخروج من القرية وفق خصوصيه معينة، وكشف أن للقرية ثلاثة أبواب كانت تغلق أثناء دخول فترة المساء، ولا يمكن لأي شخص أن يدخل إلى هذه القرية إلا بواسطة هذه الأبواب الثلاثة. وقال: إن القرية كانت تتمتع بحركة تجارية كبيرة في ذلك الوقت وكان التجار يقومون باستيراد تلك الطلبات من القحمة والبندر والتي تعرف الآن (القنفذة حاليا)، وكان التجار يصدرون العسل والسمن والحبوب إلى خارج المحافظة، التي كان يقصدها المتسوقون من جميع المحافظات المجاورة. وبين أن القرية تعد من أهم القرى الأثرية بالمحافظة وأبدى في ذات الوقت استعداده التام بالوقوف مع أهالي قرية الجرف الأثرية. وأوضح أن الجرف القديمة هي قرية معروفة وذات أهمية كبيرة منذ سنوات طويلة. وأضاف: قمت بزيارتها والوقوف على تلك القرية ومشاهدة تلك المباني والقصور والقلاع الحربية ومشاهدة كافة تفاصيل القرية عن قرب، وسوف نضمها إلى القرى الأثرية في المملكة وسوف تحظى بذات الاهتمام الذي تحظى به تلك القرى، إضافة للأسواق والدكاكين التي كانت تقام في ذلك الوقت، ومطلاتها المميزة وهندستها المعمارية الجميلة، وتعتبر رافدا سياحيا مميزا لأهالي محافظة رجال ألمع. من جانبه، أكد عبدالله مطاعن المدير التنفيذي لجهاز السياحة والآثار بمنطقة عسير أن قرية الجرف ضمن القرى التي تدرسها الهيئة وهي مهتمة بها، مشيرا إلى أن مشروع تأهيل وتطوير قرية رجال التراثية في طور العمل ودور الجهات الحكومية في تنفيذ مالديها من خطط تنفيذية لقرية رجال التراثية، فقد وضعت قرية الجرف ضمن المرحلة الثانية في الأعمال الخاصة بمحافظة رجال ألمع.