ظهر الرئيس السوري بشار الأسد في خطابه الذي انتظره الشعب السوري اولا، والعالم العربي ثانيا، والعالم ثالثا وكأنه رجل يقدم درسا في العروبة والديموقراطية ومحاولة استرجاع الذاكرة لماضي سوريا في أيام الحقبة العثمانية.. في محاولة منه أيضا لاثبات بأن الديموقراطية تمثل جزءا من المكون الحضاري لسوريا.. ومع التأكيد على ان سوريا هي دولة مؤسسات وهذا يعني انها ينطبق عليها مفهوم الدولة بالمعنى العميق لهذا المفهوم. ولانه ظهر كذلك فإنه لم يتحدث عن الأزمة السورية في تفاصيلها ومآزقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولم يضع يده على مفاتيح هذه الأزمة من أجل الخروج بسوريا الى مرحلة الحلول الجذرية. وكأنه يشير في جل خطابه إلى ادوار خفية ومعلنة تقوم بها بعض الدول الأجنبية وخص دولا عربية دون أن يذكرها.. في محاولة منه لوقوع سوريا في فخ ما يسمى بنظرية المؤامرة.. واستخدام الطائفية مدخلا لتفكيك الجغرافيا السورية وهو ما جعل هذا الخطاب يقع في اللغة الإنشائية وكان ينبغي على الرئيس بشار الأسد أن يدخل في لب الأزمة السورية والبحث في صياغة مشروع اصلاحي شامل وكامل يضع سوريا في الطريق الصحيح خاصة وان فشل الجامعة العربية ممثلا ومجسدا في فشل المراقبين العرب سوف يؤدي حتما الى تدويل الأزمة السورية. لقد تغافل الرئيس السوري في خطابه عامدا ومتعمدا الحديث عن الداخل السوري بشفافية والاعتراف بالاخطاء والخطايا التي ارتكبت في الشعب السوري.. وقدم نفسه في هذا الخطاب بوصفه معلما في العروبة والديموقراطية ومحاولة تصفية الحساب مع بعض الاطراف العربية والجامعة العربية ايضا.