يعد عصرنا الحالي عصر التحولات والمتغيرات السريعة في البنى الاجتماعية والسياسية والاتصالات الإنسانية من التقارب غير المحمود في بعض المجتمعات التي يبرز فيها العنف والصراعات صعود قيم عدم التسامح والكراهية ويمثل الشباب في هذه المجتمعات أفضل استثمار لتحقيق أهداف وأجندات، وتعد وزارات الشؤون الإسلامية، والتربية والتعليم، والشؤون الاجتماعية من أهم الوزارات في إحياء وغرس القيم وتوجيه مسالك الناس إلى الفضائل والأخلاقيات التي جاءت بها الشريعة الإسلامية في جميع مناحي الحياة المختلفة وإن مكافحة الغلو والعنف والتطرف وفك رموز الفكر المنغلق مسؤولية هذه الوزارات وخصوصاً وزارات الشؤون الدينية في عالمنا الإسلامي وذلك بحكم ولايتها على دور العبادة والخطابة والإمامة في المساجد كونها جهات ذات تأثير كبير ونافع على شرائح المجتمع وخصوصاً من الشباب إن أحسن اختيار من حملوا رسالة العلم الشرعي والتنوير الفكري الذي به تعزيز مفهوم الوسطية فالشباب هم الثروة والجوهر الحقيقي للمجتمعات لذلك تعد المهمة الأساسية المنوطة بتكوين جيل ينتمي لأمته وتراثه ووطنيته وظيفة هذه الجهات فيمكنها تفعيل الوسطية ومواجهة التحديات التي يصطدم بها الشباب قيادتهم إلى تطوير نمط سلوكهم وخلق بيئة مواتية للناس من خلال منابر الجمع والجامعات للوصول بهم إلى المعارف والقيم الأخلاقية والسلوك نحو قيم التسامح والتعايش والسلام والسلم، وقد ركز تقرير التنمية في العالم لعام 2008/2009م إلى أن أفضل استثمار هو في التعليم والشباب كونهم يشكلون الشريحة العالمية في العالم 1.5 مليار شاب منهم 1.3 مليار شاب في الدول النامية وعلى المستوى الإسلامي أكدت القمة الإسلامية الاستثنائية المنعقدة في مكة عام 2008م على أهمية تعميق قيم الحوار والوسطية وتعزيزها والعدل والبر والتسامح في السلوك الإسلامي والخطاب الديني داخل المجتمعات الإسلامية وخارجها. وإن مما يثلج ويسر المسلم قيام وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بتوجيه ودعم ورعاية معالي الشيخ صالح آل الشيخ إطلاق وكالة الوزارة بإشراف فضيلة الوكيل الدكتور توفيق السديري المرحلة الثانية من برنامج تعزيز الوسطية وهو برنامح حافل بالجديد المفيد من خلال طرح ما يتعلق بمفهوم الوسطية وتعزيزها وتفعيل دور المسجد ورسالته القيمة وتحقيق الأمن الفكري وتأصيل الاعتدال والوسطية والاهتمام بالشباب وقضاياهم وبيان ما يتعلق بحقوق ولاة الأمر وآداب الخطاب والتسامح وغرس آداب طالب العلم الذي جاءت به نصوص الشريعة وترجمته أدبيات ومؤلفات العلماء والفقهاء. وبعد: فإنه من خلال محطات واستقراءات هذا الملتقى الثاني يمكن إجمال الآتي: أولا: إن فتح الوزارة للورش الشرعية العلمية لتعزيز الوسطية وما اشتملته موضوعاتها ليعتبر مؤشراً كبيرا نحو التجديد النشاطي وإحياء أدوار ومهمات خطباء المساجد والأئمة وإضاءات تنويرية لمنابر الجمع وحلقات التدريس. ثانيا: إن الوسطية والتسامح يشكلان العامود الرئيسي لمنظومة الحقوق داخل المجتمع الإسلامي وخارجه وفيهما إحياء لثقافة السلم والسلام وكفالة الحقوق والحريات. ثالثا: يعد الحوار خصوصاً مع الشباب من الوسائل الناجحة للاطلاع على ما يحمله البعض من فكر وصور من الأنماط المختلفة المشوشة فيأتي مسلك المحاورة والمجادلة بالتي هي أحسن للوصول إلى الفهم الصحيح ونبذ الفرقة والغلظة والعنف والشقاق وفتح مجالات خصبة وثمار يانعة للتعاون وتهذيب قيم وسلوكيات الشباب وشيوع ثقافة اللين والتحضر في المعاملات الإنسانية. رابعا: وجوب غرس ثقافة التعامل من قبل الأئمة والخطباء وأساتذة الجامعات بروح الأبوة والأخوة مع من يخالطون القائم على الرفق واللطف في الأسلوب والحنو والشفقة وتوضيح حقائق التعامل الإنساني منهجا وسلوكاً في محيط الأسرة والجامعة وبين المصلين ليقتدي المتعلم بالعالم ويتم بهذا تحقيق صور متعددة من تعزيز الوسطية في السلوك التي سنها المعلم الأول للبشرية صلى الله عليه وسلم وسار على منهجه سلف الأمة. * أستاذ الأنظمة المقارنة نظم الحكم والقضاء والمرافعات. عضو مجمع الفقه الإسلامي