استيقظت على رنين هاتفي الجوال قبيل شروق الشمس، وكان المتحدث على الطرف الآخر أحد أصدقائي يطلب مني مرافقته إلى وادي العارضة، أرض الفل والكادي. اتجهنا إلى الوادي بين عبق الروائح العطرية المنبعثة من أشجار البشام والأراك ومن أزهار الوزاب والسكب، كنا في طريقنا إلى جانب الوادي الأخضر الواقع شرق العارضة والذي تحتضنه الجبال وأشجار النخيل، وهي بقعة لا تنضب مياهها وتكسوها الخضرة على مدار العام. وأثناء سيرنا شاهدنا سرباً من أنواع الطيور المهاجرة تحلق في السماء وما إن وصلنا إلى جانب الوادي عقدت الدهشة ألسنتنا، فقد سبقنا الكثيرون إلى هناك وانتشروا على جنبات الوادي الأخضر، حيث استقبلتنا رائحة القهوة العربية وصيحات الأطفال من بين أشجار النخيل، فيما الطبيعة تنشر لوحاتها الإبداعية المكسوة بالحشائش وأزهار السكب في كل مكان، فيما تبقى الحصون الأثرية ومنها قلعة أبو صمة التي تمتاز بطراز عمارتها المتفرد، شاهدا على عراقة العارضة. طبيعة جاذبة وامتدح بشير معافا وعلي نجعي وادي العارضة مشيرين إلى أنه يمتاز بالأشجار العالية والخضرة الدائمة والأجواء الغائمة والممطرة في كثير من الأوقات، ويؤكدان أن هذه العوامل مجتمعة ساعدت على جذب المتنزهين وتردد الزوار إليه في كثير من الأوقات. ويضيف النجعي: الوادي يمتاز بجمال الطبيعة وسحرها الخلاب والروائح العطرية المنبعثة من أزهار السكب والوزاب. غير أنه حذر في الوقت نفسه من غدره، مبينا «عندما يفيض الوادي يصبح مثل الوحش الكاسر ولا يقترب منه أي إنسان، حتى يهدأ ويعود إلى صفائه». خدمات مفقودة وأضاف: هناك خدمات يفتقد إليها هذا الموقع السياحي ومنها النظافة، وهو يحتاج إلى تنظيم وعمل جلسات للزائرين، بالإضافة إلى إصلاح الطرق المؤدية إلى الوادي والعناية بالأشجار. وواصل: قبل أن تبين لي ملامح الوادي سألت عن بقية «الشلة» فوجدتهم يتجولون بين ظلال الأشجار الوارفة واللوحات الساحرة ومنهم من اتجه لصيد الطيور والأرانب البرية وطيور الحجل. أجمل المحافظات.. ولكن ويرى حسين قراعة العارضة أجمل محافظات المنطقة، ويصفها بأنها رائعة الجمال، «فهي موطن الكادي وقد تعلقت بها كثيرا، فالمكان مليء بالأرانب وطيور الحجل البرية». وكان بالمصادفة قد اصطاد أرنباً. وأضاف: الوادي مليء أيضاً بالمواقع الخلابة التي يبحث عنها المتنزهون، غير أن بعض هذه المواقع بحاجة إلى الاهتمام والاعتناء بأشجارها وكذلك نظافتها. تاريخ العارضة أما خالد عبدالعزيز فيقول: الوادي من أفضل المواقع أو الأماكن التي تستهوي الباحثين عن الراحة، خاصة في نهاية الأسبوع حيث سيمفونية العصافير تنسى الإنسان هموم ومشاكل الحياة وتبعده عن الروتين اليومي، ولا أنسى القلعة الأثرية الشامخة التي تعبر عن تاريخ العارضة العريق. ويتفق مع هذا الرأي احمد موسى وعبدالله حيدر حيث أشارا إلى أن وادي العارضة يعتبر أفضل مكان لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، ولفتا إلى أن القلعة الأثرية تروي قصة بطولات لن تنساها السهول والجبال. وأضافا: أما الموقع فهو عبارة عن لوحة جمالية تطرزها شقشقة العصافير وخرير الماء والأشجار العالية. وجبات الحنيذ ويذكر محمد معافا وطارق ورشيد أن إعداد وجبات الحنيذ في الوادي درج عليه الكثيرون حيث يصنعون الوجبات اللذيذة بطبخها على الحطب، وفي الأمسيات يصبح الوادي موحشاً ويحن لجلسات نهاية الأسبوع. وفيما تحلق الجميع حول سفرة الطعام ومع غروب الشمس وهدير الرعد ولمعان البرق، ودعنا المكان على أمل العودة إليه مرة ثانية.