يدور دولاب الكون ونحن معلقون بأهدابه نعد الثواني والدقائق والساعات والشهور والسنين كي نبلغ مبتغانا، فالبعض يصل والأغلبية تفترسها الأحداث في منتصف الطريق فبما حبانا الله جلت قدرته من فكر وإدراك ومعرفة نتقاسم هذه الحياة مع غيرنا نأخذ ونعطي ونعارك عراكا إيجابيا في نيل ما نتمنى دينا وخلقا وعملا، فالدين عماد هذا الكون والأخلاق مسيرته والنجاح في العمل غايته فمن أعطاه الله هذا المبتغى فقد ظفر. عشت جانبا من جوانب هذه الحياة تحت جلباب أسرة كريمة فيها من الأخلاقيات والأعمال والدين ما يغطي حيزا كبيرا على هذا الأديم، تعطي بسخاء وتعمل بصمت وتداعب أناملها كل جميل ولا تبخس أحدا حقه. الأمير محمد العبدالله الفيصل (رحمه الله) واحد من أعمدة هذه الأسرة الفاضلة النبيلة خلف أباه الأمير عبدالله الفيصل طيب الله ثراه على الفضائل والتسامح ونكران الذات وقضاء حواج الآخرين حتى غدت أعماله مثالا منيرا يضيء الظلمة، لقد تعددت الاهتمامات في مجال حياته من التعليم والإدارة إلى الأدب والفكر والرياضة، لديه حضور متميز في اللقاءات الإعلامية وثقافة حوار عالية وحجة في الرأي والطرح، استمد ذلك من حصيلته الثقافية التي تلقاها في كبرى الجامعات الأوروبية في سويسرا تحديدا ثم من ثقافة الحياة والمجالس والوسائل الإعلامية الأخرى، لقد تمرس رحمه الله في الشعر ويعد واحدا من رواد الشعر الغنائي في الوطن العربي تغنى بكلماته العديد من الفنانين الكبار وغدت مفردته لزمة موسيقية على لسان محبي هذا الشعر يتسارع الملحنون والفنانون على استقطاب كلماته.. إنه شاعر مبدع وصاحب كلمة منظومة مغناة جزلة المعنى حسنة الصياغة والتعبير. إن الاستطراد في فكره رحمه الله يدعونا إلى الوقوف مليا أمام أطروحاته واهتماماته مساهما في تأسيس أول مؤسسة فكرية عربية «مؤسسة الفكر العربي»، وأحد أوائل الأمناء فيها معطيا عصارة فكره ومعرفته لشباب ومفكري هذه الأمة وسخر جهده وماله للحفاظ على هذا الموروث الفكري العربي مساهما بالنهوض بها عملا ونموذجا، إلى جانب هذه الاهتمامات أخذت الرياضة بكل أنواعها اهتماما وحيزا كبيرين وجهدا مضاعفا، فأسس فيها منهجا وأسلوبا قل أن تجده في كثير ممن أحب الرياضة، فوضع لها الأسس والمناهج الصادقة والممارسات النقية الراقية، فركز على الفرد الرياضي وصقل موهبته الفنية والإدارية والسلوكية حتى غدا مثالا يحتذى به في أروقة الأندية والمؤسسات الرياضية عامة. انتقل سموه إلى رحمة الله وخلف إرثا فكريا يدرس ومعرفة ثرية تعمم على الجميع كدستور ومنهج حياة رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. شكرا وزارة الثقافة والإعلام.. شكرا للمبدعين الذين يقدرون الفكر والعلم الذاكرين لأبناء هذا الوطن أعمالهم وإنجازاتهم وعلى طريق الأمل دوما نلتقي.