فيما ينتظر بعض المرضى النفسيين في جدة، فرصة دخولهم المستشفى لتلقي العلاج، يقبع منذ 10 سنوات مرضى انتهى علاجهم وقرر الأطباء خروجهم من المستشفى والعيش بين أهلهم وذويهم. هذه المشكلة قد لا تقتصر على مستشفى الصحة النفسية في جدة لوحده، ولكنها إنذار بضرورة تدخل الجهات المعنية لمعالجتها. في جولة «عكاظ» في مستشفى الصحة النفسية في جدة، أشار المراجعون إلى أن المستشفى يعيش حالة متعثرة من سوء الخدمات، وتهالك البنية التحتية، ونقص الكوادر الطبية، وضعف البرامج العلاجية، وفقدان جميع مؤهلات العلاج النفسي للمرضى. زيادة الأسرة البداية كانت مع إبراهيم (مريض نفسيا)، الذي طالب وبشكل عاجل بزيادة عدد الأسرة في ظل الضغط المستمر من المستشفيات والمراكز خارج المحافظة، فيما قال ناصر (مريض نفسيا)، إلى متى سيبقى وضع المستشفى بهذه الحال، فأنا كمريض لا يهمني متى ينتهي العمل في المستشفى الجديد أهم شيء عندي أن أتلقى علاجي. إهمال وعزلة وأضاف حمود الأسمري (مراجع) قائلا: إن المستشفى يحتاج إلى إعادة دراسة وصياغة لبرامجه الصحية، فهي لا تليق بمرضى الصحة النفسية، إذ إن إهمال المستشفى لا يزال، ولا يوجد فيه أي تطور من سنوات طويلة، ولا توجد برامج تأهيلية مطورة أو متخصصة للعلاج، فضلا عن تأهيل العاملين، في الوقت الذي تزداد فيه عزلة المريض داخل المستشفى وتسوء حالته النفسية. وأثناء تجولنا رصدنا 6 من المرضى رفض أقاربهم استلامهم رغم اتمام علاجهم وتأهيلهم للخروج من المستشفى، ويأتي رفض الأهل لقناعة منهم بعدم معرفتهم وقدرتهم على التعامل مع مرضاهم النفسيين، أو خوفا من حدوث انتكاسة لمريضهم أو لمشاغلهم العائلية. ورصدنا أيضا ثلاثة مرضى يعيشون داخل العنابر عجز المستشفى والجهات الحكومية عن التوصل لذويهم، رغم البلاغات التي وجهت إلى شرطة جدة من أجل التعرف على عائلاتهم، فيما رصدنا مريضا واحدا معروف الهوية لكنه مجهول العنوان. وأمام هذه المعضلة التي يواجهها المستشفى حسب إفادة بعض مسؤوليه ليس أمامهم سوى الاستمرار في تنويمهم رغم إمكانياته البسيطة. رفض الأهل للفتيات ولم تقتصر معاناة نفسية جدة على المنومين من الرجال، بل إن هناك فتيات في العقد الثاني من أعمارهن داخل عنابر التنويم خضعن للعلاج واستقرت حالاتهن إلا أن ذويهن رفضوا استلامهن أيضا. وحتى لا تتفاقم الهوة بين الفتيات وبين أسرهن بادرت إدارة المستشفى إلى عقد جلسات توعوية للعائلات لشرح الوضع الصحي للمريضات وكيفية التعامل معهن وإمكانية خروجهن، ورغم كل تلك الجهود رفض الأهل استلام بناتهم رفضا قاطعا. مصادر من داخل مستشفى الصحة النفسية أكدت ل «عكاظ» ما رصدناه وأنهم سائرون في معالجة المشكلة والتي لن تتم إلا بتعاون الأهل وإتاحة الفرصة لذويهم للعيش بينهم، موضحا أن هؤلاء المرضى يعيشون الآن في حالة مستقرة جدا ويمكن لذويهم استلامهم لخلق مناخ جديد لمرضاهم للعيش فيه وأيضا لإتاحة الفرصة للمرضى الآخرين في دخول المستشفى خاصة أنه الوحيد في جدة ويستقبل جميع الحالات المحولة إليه من المستشفيات الداخلية والمستشفيات الأخرى خارج المحافظة من كل من رابغ والليث والقنفذة ومراكز مكةالمكرمة، في ظل إمكانياته المحدودة بسعة 120 سريرا، وهو لذلك يعيش حالة اكتفاء ذاتي بحيث لا توجد أسرة إضافية، ما يضطره لرفض حالات كثيرة طارئة، إضافة إلى عدم وجود حراسات كافية للحماية داخل المستشفى، بل سجلت عدة اعتداءات ضد العاملين فيه، وكذلك وجود أجهزة قديمة في بعض الأقسام لا يمكن صيانتها، فضلا عن النقص في بعض الأجهزة وعدم وجود قطع غيار لها، كما يعاني المستشفى من انتشار الحشرات داخل الجدران بسبب قدم المبنى. الانتهاء من المشكلة من جهته، أكد مدير عام الصحة النفسية والاجتماعية في وزارة الصحة الدكتور عبد الحميد الحبيب، أن وزارة الصحة مهتمة بشكل كبير بسرعة إنجاز مستشفى الأمل والصحة النفسية الذي طال انتظاره وأن البدء في تنفيذه في العام المالي الجديد.