لم تكن القاذورات التي يعيش فيها المرضى النفسيون في مستشفى الصحة النفسية في جدة هي المؤلمة، بقدر قصص المرضى التي يشيب لها الرأس بعد أن تسمعها، حيث يقبع 25 مريضا نفسيا سابقا تم علاجهم وتأهيلهم للخروج، إلا أن عوائلهم ترفض استلامهم لعدة أسباب مختلفة، ومنهم من ينتظر خروجه منذ 10 سنوات، بل إن هناك 3 مرضى لا تعرف هويتهم تماما، رغم مكوثهم لسنوات داخل المستشفى دون أن يسأل عنهم أحد. وتتتابع القصص المؤلمة بين المرضى والتي أبطالها هنا ذووهم، وتبدأ من المريض ذي ال 25 عاما من عائلة غنية جدا، تصل ثروتها إلى المليارات، ويقبع بين أسوار المستشفى منذ 10 سنوات، وتم علاجه وتأهيله إلا أن والده رفض إخراجه حتى لا يلحق العار بالعائلة كونه «مجنونا» على حد قوله لمسؤولي المستشفى. وسجلت إدارة المستشفى وشرطة جدة عدة محاضر ضبط للمخدرات والحشيش داخل أروقة المستشفى، والتي اكتشف لاحقا أنها اتفاقية بين المرضى المحولين من السجون وبين البائعين لتسليم البضائع لهم. ولم يتوقف الأمر عند ذلك وبسبب عدم وجود حراسات كافية، بل سجل عدة اعتداءات ضد العاملين في المستشفى، أهمها اعتداء مريض نفسي على طبيبة بالضرب أمام المراجعين دون رادع، مع التهديد بالقتل إذا لم تتجاوب معه بإعطائه بعض الأدوية المخدرة. وأوضح مدير مستشفى الصحة النفسية المكلف، الدكتور عدنان مفتي، أن التعداد السكاني لمحافظة جدة كبير، ومستشفى الصحة النفسية هو الوحيد الذي يخدم المنطقة والمراكز المجاورة بسعة 120 سريرا، فمن المؤكد أن لا تكون الخدمة بالشكل المطلوب أو الكادر العامل يكفي للاحتياج، كما أن المستشفى يعيش حالة من الاكتفاء، والتي أجبرتنا على رفض حالات كثيرة طارئة وعدوانية للمجتمع. وأضاف «ليس لدينا صلاحية لعلاجها في المستشفيات الخاصة كما هو الأمر مع الحالات الطارئة الأخرى، لعدم وجود نظام يحدد ذلك من وزارة الصحة، وعدد الأطباء هو أقل من المطلوب لتغطية الخدمات في المستشفى، والمراكز الأخرى ومن خارج المحافظة». وأفاد أن إدارة المستشفى طالبت بحلول مؤقتة لسد عجز الكادر، واقترحت الاستعانة بالأطباء والاستشاريين والأخصائيين من مستشفى الأمل في جدة، لكن لم نجد أي تجاوب منهم رغم أنهم مؤهلون لسد عجز المستشفى. ودافع الدكتور عدنان مفتي عن الاتهام الموجه بنقص الأدوية بقوله «هناك نوعان من الأدوية تعطى للمرضى النفسيين وهي قديمة، وكانت تستخدم في السابق وهي متوفرة باستمرار، وهناك أدوية حديثة غالية الثمن وسياسة المديرية تطالبنا بأخذ جزء من الأدوية القديمة، وجزء من الحديثة حيث يصل سعر بعض الحقن العلاجية إلى 700 ريال للواحدة، ولكن المريض يحتاج هذه الحقنة الحديثةوأوضح أن برنامج الرعاية المنزلية بدأ بإمكانيات بسيطة، ورغم مطالبنا بتوفير سيارة للمستشفى لتقديم الخدمة تأخر ذلك ولكن في النهاية تم توفير السيارة، ولكن المستشفى يحتاج إلى عنصر نسائي للعمل في البرنامج. وأكد أن هناك أجهزة قديمة جدا لا يمكن صيانتها في بعض الأقسام، بالإضافة إلى النقص في بعض الأجهزة بل إن بعض الأجهزة لا يوجد لها قطع للغيار، كذلك يعاني المستشفى من انتشار الحشرات داخل الجدران بسبب قدم المبنى وبسبب ضعف عقد الصيانة، ولكن رفعت الصيانة إلى 3 ملايين ريال وستتم صيانة المستشفى حاليا إلى الأفضل. وأشار إلى أن المستشفى والشرطة سجلتا عدة محاضر ضبط مخدرات وحشيش في الحمامات وبعض الأماكن، ويرجع ذلك إلى ضعف الحراسات الأمنية في المستشفى، وعدم وجود نقطة شرطة داخل المستشفى رغم المطالبات.