المشهد يبدو مألوفا رغم غرابته.. ففي أسواق البلد وسط جدة، تجدهن تارة على الأرصفة وتارة أخرى أمام المحال التجارية أو حائمات في الشوارع، وأحياناً تحت ظل شجرة أو مظلة قد لا تحمي من أشعة الشمس الحارقة، يعرضن سلعا يصعب تصنيفها، فبعضها تجميلي والآخر علاجي (أعشاب) أو غذائي منتهي الصلاحية في أحيان أخرى.. ونقصد هنا النساء المخالفات أو المتخلفات ومن جنسيات مختلفة.. وجودهن يبدو واضحاً للعيان رغم حملات الرقابة المستمرة من الأمانة وإدارة الجوازات الرامية لاستئصال الظاهرة، كونها تسبب الإزعاج للمارة والمتسوقين وحتى أصحاب المحال التجارية، فضلاً عن الأضرار الناتجة عن ترويجهن بضائع تشكل خطراً على صحة الإنسان. مصدر جذب وتقصد النيجيرية «نور» السوق كل صباح لتحجز مكاناً لها ولبناتها الأربع، لعرض ما لديهن من بضائع على المتسوقين الذين يتوافدون بكثرة على الأسواق الشعبية، وتعتبر نور، أسواق البلد مقصداً ومصدر جذب للمواطنين والمقيمين الذين يتوافدون على السوق منذ الصباح الباكر وحتى وقت متأخر من الليل، وتضيف: سوق البلد منطقة تجارية تعج بالعديد من المحال التجارية وقريبة من أحياء جدة القديمة. وزادت: هذا التواجد الكثيف للمتسوقين فرصة طيبة لعرض ما لدينا من بضائع وجني مردود جيد من المال. «نور» من المخالفات المعمرات في أسواق البلد وتمارس عملها منذ 10 سنوات تقريباً، ولكنها تعيش حالة خوف مستمر، خشية وقوعها هي وبناتها في حملات الجوازات والأمانة وتسارع ركضاً مع بناتها عند قدومهم كما تقول. تبادل الأدوار وبخوف وحذر شديدين، ترد «سمية» على استفسارات «عكاظ» بالقول: اتنقل بين أسواق البلد منذ 8 سنوات بحثاً عن الزبائن، وأعرض بضائعي وأغلبها من الخردوات بأسعار زهيدة ما يجذب المستهلكين. وتضيف: أعيش في حالة قلق مستمر وأتحاشى الحملات المستمرة من الأمانة والجوازات. فيما عبرت جارتها «زينب» المتخصصة في بيع الأمتعة وبعض الأواني المنزلية عن قناعتها بالمردود المادي الذي تجنيه من تجارتها. وتتابع: اقصد السوق بعد صلاة الفجر واستمر في عملي حتى وقت متأخر من الليل، عقبها أعود لمنزلي واستعد لرحلة عمل شاقة صباح اليوم التالي. واختتمت بالقول: استيقظ في السادسة صباحاً، وبعد أداء الصلاة أجهز بضاعتي المكونة من عدة أصناف، ثم أغادر مسكني باتجاه السوق بحثاً عن الرزق الحلال. فيما تتعاون كل من «سلوى» و«فاطمة» (شقيقتان) في ترويج ما لديهن من بضائع ويتنقلن بين أسواق منطقة البلد، وذكرت «سلوى»: نتقاسم الأدوار أنا وشقيقتي «فاطمة»، فأنا مثلاً أتولى إدارة «البسطة»، فيما تتولى هي تأمين البضائع من المستودعات. وأنهت حديثها بالقول: نتقاسم البيع والشراء وأيضا ما نجنيه من أموال من تجارتنا، ولدينا زبائن يرتادون بسطتنا بصفة دائمة. وفي موقع غير بعيد، تجلس الحاجة «بينة عثمان» بائعة «القورو» خلف «بسطتها» التي تحوي إلى جانب ثمرة القورو تشكيلة متنوعة من المواد الغذائية، وشددت «بينة» على أنها لا تجني إلا القليل من المال نظير بيعها للأطعمة والمشروبات، لافتةً إلى أنها تعمل في أيام الإجازة الأسبوعية فقط. وتضيف: زبائني كُثر ولا أعمل إلا خلال الإجازة الأسبوعية خشية الوقوع في أيدي رجال الأمن. ضجر وتذمر وفي المقابل، أبدى عدد من المتسوقين المتواجدين في أسواق البلد، استياءهم الشديد من التواجد الكثيف للبائعات المتخلفات اللاتي يتسببن في الازدحام وترويج بضائع مقلدة أو فاسدة أحياناً على حد قولهم. وقال المتسوق سالم السعيد: تتسبب النساء المخالفات بسوق البلد في خلق العديد من المشاكل للمتسوقين منها الزحام والربكة، وتجدهن أحياناً يعرضن بضائع مقلدة أو منتهية الصلاحية، مبيناً أسلوبهن الجاف وتعاملهن السيئ مع المارة والمتسوقين، أو تجوالهن أحياناً داخل المحال التجارية دون مراعاة لشعور المتسوقين أو حتى الباعة. ويتفق معه محمد الجابر، الذي أشار إلى انتشار البائعات من النساء المخالفات في الأسواق بشكل كبير. ويضيف: البضائع المعروضة معظمها غير صالح للاستخدام الآدمي أو منتهي الصلاحية فضلاً عن تشويههن المنظر الحضاري للسوق، وطالب الجهات المعنية بتشديد الرقابة على الأسواق واقتلاع الظاهرة من جذورها. مراقبة مستمرة إلى ذلك، أكد ل«عكاظ» مدير إدارة المراقبة في بلدية جدة القديمة حسن بن محمد فقيه، دور الأمانة القوي في مصادرة البضائع المخالفة مهما كان نوعها. ويضيف: مراقبو البلدية ينفذون جولات صباحية ومسائية على الباعة المتجولين عموماً، ولدينا في مستودع البلدية كميات كبيرة من البضائع المصادرة، مستدركاً أن النساء المخالفات يعدن لبسط وترويج بضائعهن مرة أخرى بعد كل حملة. وخلص إلى القول: المراقبون يتعرضون للسب والشتم من المخالفات عند مصادرة بضائعهن أو التعرض لهن. من جهته، بين المتحدث الرسمي في إدارة الجوازات بمنطقة مكةالمكرمة الرائد محمد الحسين، استمرار دوريات الجوازات لضبط المخالفات والمخالفين للنظام، سواء في حملات منفردة أو بالتعاون مع الأمانة، مشيرا إلى وجود موظفات للمساعدة أثناء ملاحقة المتخلفات والقبض عليهن.