تحتضن الرياض في شوال المقبل أعمال المؤتمر العربي حول الأمراض غير المعدية برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. ويتناول المؤتمر انتشار العديد من الأمراض غير المعدية بشكل مخيف وفي مقدمتها داء السكري والسمنة وداء السكري لدى الأطفال ، وكل هذه الأمراض بدأت بأرقام بسيطة وتوسعت دائرتها إلى أن أصبحت معدلات الإصابة في تزايد مستمر. اللقاء العربي بلاشك خطوة رائعة من «الصحة» في تسليط الضوء على مرض أصبح يشغل ميزانيات وزارات الصحة في الدول الخليجية والعربية ، ولاسيما ماشهدته هذه الدول خلال العقود الأخيرة من تغيرات كبيرة انعكست سلبا على صحة أفرادها، كما أدت هذه التغيرات إلى تحول ملموس في النمط العام للأمراض إذ تعود الناس على أساليب حياتية وعادات معيشية وغذائية جديدة نجم عنها انتشار البدانة والتراخي البدني وانحسار ممارسة الرياضة وانتشار التدخين وزيادة الإجهاد الفكري والتوتر العصبي، وكل هذه العوامل تسببت في زيادة معدلات الإصابة بالأمراض القلبية والوعائية والسكر والسرطان. وأكثر مايزيد قلقنا أن الدراسات الطبية في دول الخليج أثبتت أن نسبة الإصابة بالمرض في المملكة وصلت إلى 24 في المائة، وفي الإمارات 19.6 في المائة، وفي البحرين 30 في المائة ممن هم فوق سن الأربعين، والكويت 22.4 في المائة، وعُمان 12 في المائة، وكل هذه المؤشرات تشكل خطورة كبيرة مع النمو السكاني وخصوصا أن إحصائية الاتحاد الدولي للسكري وضعت خمس دول خليجية هي: الإمارات، والسعودية، والبحرين، والكويت، وعمان في مقدمة أعلى عشر دول انتشاراً للمرض عام 2010م، وقدرت ارتفاع معدلات الإصابة به واستمرار وجودها ضمن هذه الإحصائية المحايدة حتى عام 2025م. كل هذه المعطيات تشير إلى أن الدور الوقائي لمكافحة الأمراض غير المزمنة لا تتوقف على القطاعات الصحية، فالدور الأول في الوقاية من هذه الأمراض يبدأ من الفرد نفسه من خلال تجنب كل العوامل التي تمهد للإصابة بهذه الأمراض دون النظر إلى الدور الوراثي، مع التنويه إلى أن معادلة الأمراض غير المعدية هي معادلة صعبة وكلها مرتبطة ببعض فالسكري والقلب والضغط والسمنة كلها منظومة واحدة تبدأ بمرض وتنتهي بمضاعفات لا يحمد عقباه. وأخيرا.. أتمنى أن يصل المشاركون في هذا المؤتمر العربي إلى توصيات هامة تنعكس إيجابا في إيقاف زحف المرض والحد من انتشاره، ولاسيما وان أرقام إحصائيات المرض أصبحت فلكية.