لكل قصة بداية ونهاية، إلا قصة حبي.. لها بداية.. وليس لها نهاية!. بدأت القصة في مرحلة المراهقة، حين بدأ التدرج في نضجي الفكري والعقلي والعاطفي، أحببته رغم الصراع الذي كنت أعيشه بيني وبين ذاتي لفهم طبيعة كل ما يحيط بي من تقاليد اجتماعية، وتفسير كل ما أتعلمه من مبادئ ومسلمات، ومحاولاتي لاكتشاف فلسفتي الخاصة في الحياة. كان حبي مشروعا.. صامدا وقويا، ورغم أنه بدأ صغيرا مندفعا إلا أنه ما زال يكبر في القلب والعقل يوما بعد يوم. لم تعارض أسرتي هذا الحب كما يحدث في القصص أو الروايات، بل على العكس.. ربتت على كتفي ومسحت على قلبي.. واحتضنت معي هذا الحب لينمو على مرأى ومسمع من العالم. أحبني بلا تفسير أو تبرير، وسحرني عطاؤه اللا مشروط، فانسكبت مشاعري كنهر بثق على حقولٍ يابسة قتلها العطش، فعادت إلى الحياة من جديد. حاول الكثير من لصوص الحب سرقته وتدميره.. لكنهم لم ينجحوا، فاحتالوا وتآمروا.. وقالوا بأنه ليس من حقي.. فمن أنا لأحبه.. فهو يستحق الأفضل! ومن أنا لأشعر بانتمائي إليه.. فهناك الأولى والأجدر! ومن أنا كي أنعم بذلك الدفء والأمان.. وهناك من يردد ما قاله فاروق جويدة في إحدى قصائده: «حلمنا بأرض تلم الحيارى .. وتؤوي الطيور وتسقي النخيل»!. هنا أقول.. لم يكن حب الوطن يوما ألفاظا نتشدق بها، أو أزياء نختال بها، ولم يكن الانتماء أبدا في وثائق أو أوراق، فحب الوطن أكبر وأعمق وأرقّ من أن يجرح بهكذا كلمات. أن تحب وطنك الذي تستظل بسمائه يعني أن تستيقظ كل صباح وأنت تتساءل ماذا سأقدم اليوم لوطني؟ كيف سأرد له الجميل؟ هل يكفي ما أقوم به كل يوم أم تراني مقصرا في حقه؟ كيف سأرتقي به وأعمل على نهضته؟ هل أمثل نموذجا مشرفا له؟. أن تحب وطنك يعني أن تستشعر وجوده في كل لحظة ومع كل نفس، وألا تسمح للفايروسات الطائفية والعنصرية التي تريد خلخلة نسيجه الاجتماعي والوطني بالانتشار، وأن تكون مواطنا حقيقيا مع كل خطوة تخطوها نحو الغد. كن مثلي يوم أحببته.. واخلق لنفسك تلك البداية التي لن تنتهي!. [email protected]