الوطن ما أعذبها من كلمة وأرقها من حرف ، طُبعت النفسُ على حُبها ، تنساب في الشرايين .كالدم يجري في العروق ، إنه الوطن الحب الجِِبلي الذي فُطرت عليه جميع المخلوقات ، حُب يتغنى به الطيرمنشداً حنينه لوطنه مشتاقاً لعشه ولعل كلمات الشعر قد تناولت تلك اللحظات الجميلة التي تبين مدى حُبِ جميع المخلوقات لأوطانها ألم ترى أن الرافعي يقول : ألم ترى أن الطير إن جاء عشه فآواه في أكنافه يترنمُ هنا أحد شعراء هذا الوطن الحبيب سكب حبه فياضاً بكلمات عذبة أستقاها من نبع الحب والولاء . وسم على ساعدي نقش على بدني وفي الفؤاد وفي العينين ياوطني شمساً حملتُك فوق الرأس فانسكبت مساحةٌ ثرة الأضواء تغمرني قبلتُ فيك الثراء حباً .. وفوق فمي من اسمرار الثرى دفءٌ تملكني ومازال يسقينا حبَّ الوطن عذباً زلالاً حتى قال . ياموطني إنني أهواك في ولهٍ يانكهةً حلوةً تنسابُ في بدني أقسمتُ بالله لن أنساك ياحلمي فإن سلوتُك هيئ لي إذن كفني ولم يكن حب الوطن أمراً بعيداً عن قلب المصطفى عليه الصلاة والسلام الذي ضرب أروع مثالٍ في ارتباط الإنسان بأرضه وشوقه وحنينه إليها حينما أخرجه أهلها مهاجراً إلى المدينة ، فإذا به يقف يعتصر قلبه بالحزن وعينه بالدمع ينظر إلى مكة قائلاً في حزن بالغ إنك لأحب بلاد الله إلي الله وأحب بلاد الله إليَّ ولولا أن أهلك أخرجوني منك ماخرجت منكِ أبداً . وحب الوطن ليس كلماتٍ جوفاء أو شعارات خاوية فارغة تقال بل هو العمل الدؤوب والسهر والجد لنيل قصب السبق كي يرتفع شأن الوطن ويعلو ذكره ولعلنا نلحظ ذلك من أن الدين قد جعل العمل للوطن والدفاع عنه من أحب الأعمال وأعظمها عند الله عز وجل بل وعد المقتول مدافعاً عن وطنه شهيداً مكرماً بين الصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ، ومن ثم لا ينبغي أن يفكر الفرد فيما أخذه من وطنه ، بل يجب أن يفكر ماذا أعطى هو لوطنه إنه الحب إنه العطاء . وإذا أردت أن تعرف مدى حبُ وطنك لك ... فانظر إلى قدر محبتك لوطنك لكي تعرف الإجابة عن سؤالك . واجعل من حبك لوطنك منارةً ومصباحاً يضيء لك حياتك ولتجعل شعارك . بلادي هواها في لساني وفي دمي يمجدها قلبي ويدعو لها فمي . ولتعلم أيها القارئ العزيز أن الفرد بلا وطن كظلٍ زائل وسرابُ لاحقيقة له فلنعمل جميعاً يداً واحدة وليتق كل منا ربه وليعمل كل في موقعه بجد وتفاني وإخلاص الطبيب في مشفاه والعامل في مصنعه والمعلم في مدرسته والموظف في دائرته والجندي في خندقه . هذا هو الحب الذي ننشده وهذه الترجمة الحقيقية لمعنى الحب وبدونها يكون الجحود والنكران . بورك فيكم أبناء الوطن فلترفعوا رايته خفاقةً ، ولتعملوا من أجله ولتعلموا أن إرثكم أمانة وتركها خيانة فالعمل على رفع شأن أوطاننا هو الحب والأمن لنا . بلادي بلادي منارُ الهدى ومهدُ البطولةِ عبرَ المدى عليها ومنها السلامُ ابتدأ وفيها تألقَ فجرُ الندى حياتي لمجدِ بلادي فِدا بلادي بلادُ الإباء والشمم ومغنى المروءةِ منذ القدم يعانقُ فيها السماحُ الهمم وفيها تصون العهودُ الذمم ستبقى بلادي منار الأمم لتمنعَ عنها دياجي الظُلَم باسم المهيمنِ حامي العلم وعزمِ السيوفِ وهدي القلم بمكةَ صرحُ الهدى عُمِّرا ليبقى المدارَ المنيعَ الذُرا أعزَّ به الله أمّ القرى وطيبةُ حيث يَضُمُ الثرى رسولَ السلامِ لكلِ الورى يُرى كلُ شيءٍ بها أخضر ا ونجدُ عرينُ أسودِ الشرى ستبقى لمجدِ العلا منبرا يميناً بخالِقنا الأوحدِ علينا ونحنُ رجالُ الغدِ عهودَ الحفاظِ على السؤدد بصدق الرعايةِ للمهتدي وصدق الرمايةِ للمعتدي يميناً بلادَ الهدى نفتدي عُلاكِ ببذلٍ سخيِّ اليدِ وعُمرٍ يطولُ بمستشهدِ بلادي بلادي منارُ الهدى ومهدُ البطولةِ عبرَ المدى عليها ومنها السلامُ ابتدأ وفيها تألقَ فجرُ الندى حياتي لمجدِ بلادي فِدا بقلم / يحيى عايل المالكي