كثيرا ما أجالس أحبابي المعلمين وأسمع منهم تململا من التعليم، ويقول كثير منهم: كم هو ثقيل علينا ذهابنا إلى المدارس. قلت لأحدهم: حدثني عما تراه أسبابا تجعل المعلمين يعيشون واقع الملالة والسآمة، فقال «يا شيخ إنه بدون سبر وتأمل ألخص لك طرفا مما ينفرنا وإليك بعضه. 1 إنه يوم دراسي رتيب ثقيل لا تجدد فيه، فالمعلم من حصة إلى حصة مع ازدحام الطلاب في فصول ضيقة وفي أحيان كثيرة غير مكيفة، وفي ظلال أنظمة تعليمية تجعل المعلمين مقيدين بلزام تنفيذها، عاجزين عن إظهار قدراتهم ومواهبهم وسرعان ما يعاقبون وقليلا ما يثابون فلا ثواب بحوافز مهنية.. وترى أحدهم حبيسا في مدرسته ولا يأذن له مدير المدرسة إلا بشق الأنفس، قال صاحبي: أذكر أني كنت يوما ما متعبا فاستأذنت وكيل المدرسة وقلت لا حصص عندي فأذن لي، فقال: المعذرة يا أستاذ.. لديك حصص انتظار. هذا مع كثرة النصاب (24 حصة) وهي ثقيلة لا يطيقها الكثير من الأساتذة ومطالبات من الموجهين والمدراء، «دفتر تحضير ووسيلة و و و...». 2 وأما الطلاب يا شيخ فلا يجدون فسحة سوى دقائق في نصف يومهم الدراسي وهم في دروس تتلوها دروس ووابل من الواجبات اليومية ومناهج طوال، وربما معلم يكره التدريس وفصول ضاقت بهم غير مكيفة إلا القليل في مبان مستأجرة وطرق تعليمية عفى عليها الدهر، ضاقت بها نفوس المدرسين قبل الطلاب ولا شيء يفرح التلاميذ فينشطون به ويشوقهم إلى المدرسة. 3 وأما الموجهون والمشرفون فيرون واقعا لا يبشر بإمكانية حلول لما يشهده واقع المدارس من خلل في العملية التعليمية. 4 وأما المديرون فاجتمع عليهم حمل تطبيق كثرة التعاميم ومعالجة ملل المعلمين وزهد جموع الطلاب في التعليم وحسن الإعداد لاستقبال المشرفين والموجهين من لدن الإدارة العامة للفرع والدفع بالحسنى لأولياء أمور الطلاب المجادلين عن أبنائهم». وبعد أن ختم صاحبي سرده المحزن قلت له: إن ما ذكرته من إشكالات وعوائق موجب للبحث عن حلول، ولا يتم حل لهذه العوائق إلا بمقومات إذا أخذ بها صناع القرار في التعليم نجح التعليم وأثمر وصارت المدارس حبيبة إلى كل معلم وطالب ومدير وموجه.. إنها الشورى والتناصح وإزالة الحجب الوظيفية بين المسؤول والمعلم وبين الطالب والمعلم والعمل بمبدأ التناصح بوضع الأيدي على مكان الخلل وبكل شفافية دون تحرج وتجديد مقوم العمل بالإثابة الوظيفية وفتح آفاق جديدة لتطوير الخبرات والمعارف والسبل والوسائل عمليا وليس نظريا فحسب. * المشرف على الدعوة والإرشاد فرع وزارة الشؤون الإسلامية في المدينةالمنورة وخطيب جامع الخندق [email protected] [email protected]