الشارقة، الإمارة الصغيرة بمساحتها وعدد سكانها استطاعت أن تكون كبيرة وشهيرة ليس بسبب المشاريع الاقتصادية الضخمة، وإنما بتبنيها مشروعا ثقافيا كبيرا من أهم ملامحه، إن لم يكن أهمها، معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي يحتفل هذه الأيام بدورته الثلاثين.. الإمارات وزعت مهامها بذكاء، كل واحدة منها تخصصت في مشروع استراتيجي، واختارت الشارقة الاشتغال على الشأن الثقافي الذي ميزها وجعلها إمارة الثقافة. حاكمها المثقف الشيخ سلطان القاسمي كرس كل جهوده وسخر كل الإمكانات المتاحة كي يرتبط اسم الشارقة بالثقافة والفكر. ثلاثون عاما من عمر معرض الكتاب تعني أن هذه الإمارة راهنت وكسبت الرهان وإلا لم يكن لهذا المعرض أن يستمر ويتطور بشكل نوعي كل عام، وهو معرض لا يعنى بعرض وبيع الكتب فقط، بل أيضا لعرض الأفكار عبر استقطاب كتاب ومفكرين ومثقفين من معظم دول العالم ليصبح المعرض مهرجانا فكريا وساحة نشطة للحوار بين الثقافات والحضارات. في هذه الدورة من المعرض تم اختيار المملكة ضيف الشرف، وهذا الاختيار بقدر ما يمثله من تقدير للثقافة في المملكة فإنه أيضا يحملنا مسؤولية تقديم المنتج الثقافي السعودي بشكل يجسد ثراءه وتطوره. الملحقية الثقافية السعودية في الإمارات اجتهدت في تنظيم جناح متميز، واستقطبت عددا كبيرا من الأدباء والمثقفين السعوديين للمشاركة في فعاليات النشاط الثقافي للمعرض، شارك في الافتتاح وزير التعليم العالي، ووزير الثقافة والإعلام، وما دام قد جاء ذكر الوزارتين فإننا نتمنى عليهما إيجاد آلية أفضل للتكامل بينهما، أو التنسيق في كيفية تقديم الثقافة السعودية خارجيا بالكيفية التي نطمح إليها. وزارة الثقافة والإعلام هي المسؤولة عن كل جوانب الثقافة في المملكة، ولكن عندما نتجاوز الحدود تتولى الدور وزارة التعليم العالي، وذلك ما يشكل علامة استفهام على دور الوزارة المسؤولة عن الثقافة في الفعاليات الخارجية، رغم التقدير التام للجهود الكبيرة التي تقوم بها وزارة التعليم العالي. لقد أصبح المنتج الثقافي والأدبي والفكري السعودي حاضرا بامتياز ليس عربيا فحسب، بل عالميا بعد ترجمة عدد من الأعمال لأدباء سعوديين مثل عبده خال وعبدالله ثابت ويوسف المحيميد ورجاء عالم وغيرهم إلى أكثر من لغة، واحتفاء الأوساط الثقافية الأجنبية بتلك الأعمال وأصحابها، وذلك ما يتطلب اهتماما أكثر بتكريس هذا الحضور من خلال فعاليات معارض الكتاب وغيرها من النشاطات الثقافية داخل وخارج الوطن العربي. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة