في غمار أزمة اليونان المالية وبحث كيفية معالجتها ظهر للسطح عدد من المفارقات التي تحملها عادة الأزمات ما كان ممكنا التفكير فيها قبلها. فهناك أولا مفارقة أن الوحدة النقدية جعلت السيطرة الحقيقية في مجال السياسة النقدية في يد البنك المركزي الأوروبي ودون وجود أدنى سيطرة حقيقية على السياسة المالية، وهو ما يجعل حكومات بعض الدول الأعضاء تتجه إلى استغلال هذه السياسة المالية إلى حدود غير مقبولة من أجل الحصول على التأييد الشعبي واستمرارها في الحكم. وتكمن المفارقة الثانية في أن الحكومة الاشتراكية اليونانية التي تسلمت الحكم في أكتوبر 2009 اختصها القدر باتخاذ إجراءات التقشف المالي غير الشعبية على الإطلاق والتي آثارت موجة إضرابات واحتجاجات من قبل نقابات العمال وموظفي الحكومة والقطاع العام اليوناني الذين من المفترض أنهم ذات الجماهير أو النسبة الغالبة منهم التي منحت أصواتها للحزب الاشتراكي ليصعد إلى الحكم. المفارقة الثالثة تتلخص في أنه على الرغم من وجود خطة للإنقاذ فإن الثقة في كيفية تنفيذها كانت عرضة للتشكيك دوما، فبينما كان المأمول أنه بمجرد إعلان خطة الإنقاذ سيؤدي ذلك إلى تهدئة الأسواق الدولية ويحجم من حالة المضاربة السائدة، بحيث يقل سعر فائدة السندات العامة اليونانية، وباءت هذه بالفشل.