في محرك Google الشهير، اختارت أميرة الشهري طالبة جامعية، صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة ليكون الشخصية التي تجيب عليها في الاستبيان الدوري يطرحه الموقع العالمي بعنوان (ما الذي يعجبك في هذه الشخصية). أميرة الشهري، التي كتبت اسمها بصراحة، قالت بكل بساطة ودون ترتيب لكلماتها وعباراتها (معجبة بشخصية الأمير خالد الفيصل بحكم زياراته للجامعة والتقائنا به، شخص متواضع مثقف لبق فعلا، وفوق هذا أمير لمنطقه مكةالمكرمة يعني المسؤولية «دبل»، وبنفس الوقت شاعر له كلمات أكثر من رائعة وتفرجت على لوحاته بحكم أنه رسام أيضا، رجل مميز فعلا). انتهت إجابة أميرة، وربما أميرة لا تعلم حتى الآن، أن إجابتها البسيطة تلك، حصدت المركز الثاني من الإجابات المميزة، كما نالت 69 نقطة في التصويت النهائي على أفضل إجابة! السؤال المطروح، ماذا فعل خالد الفيصل ليصبح مثار إعجاب وربما رمزا لأميرة وجيل عريض من الشباب؟ هل وجدوا في لقاءاته معهم ذاك الأب الحنون الذي يقدم الإجابات والنصح لأبنائه، ويبث فيهم التفاؤل والحماس والفخر حين خاطبهم بعبارات ربما لم يألفوها سابقا (أبنائي وبناتي)، (شرفتموني يا شباب، لكم حياتي يا شباب)، (يافرحة عبدالله وقرة عين نايف). هل وجدوا فيه الحاكم الإداري الذي يحسم علامات الاستفهام وأسهم الانتقاد حيال قراراته تارة أو قرارات الجهات الحكومية التي تخضع لسلطة إمارته، كما أنه يطلب منهم المشاركة في رسم مستقبل المنطقة، إذ قال لهم مرارا (أنتم شركاء التنمية) (المستقبل أنتم) (صوتكم هو المسموع في مستقبل المنطقة). في مناسبة منتدى جدة الاقتصادي 2011م، اختار الأمير خالد الفيصل أن يحاور الشباب ليكونوا ضيوفه على طاولة نقاش في حوار مفتوح، اشترط فيه الشفافية الكاملة، بل إن المنظمين أكدوا أنه رفض الأسئلة المكتوبة والمعدة مسبقا، وهي جرأة تحسب لمسؤول حكومي اختار مواجهة فئة من المجتمع، لطالما وصفت وتكرست صورة ذهنية عنها، أنها تخرج في كثير من الأحيان عن السياق والمألوف، وربما تضع الأمير في موقف حرج في حال عدم تقديم الإجابة الشافية. ذاك اللقاء، شكل نقطة انطلاق للقاءات عدة ومناسبات وملتقيات بين الأمير خالد الفيصل والشباب، نتاجها النهائي أعمال ومشاريع مثل: جمعية شباب مكة للعمل التطوعي الخيري، لجنة شباب الأعمال، ملتقى شباب مكة، وكلها أسس لها الأمير بمشاركة الشباب في شكل منهجي ومؤسسي، وهذان المرتكزان أي المنهجية والعمل المؤسسي هما أساس فكر الأمير، وركيزة النجاح لديه. وهكذا، لم تكن مفاجأة أن يشرك الأمير خالد الفيصل الشباب في الإعداد للتقرير النهائي الذي أعدته إمارة منطقة مكةالمكرمة عن مستقبل التنمية وتم تقديمه إلى صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، كما خصص لهم جلسة أسبوعية في مجلسه الخاص، ليشكلوا مع حضور الجلسات الأخرى مثل: الأدباء والمثفقين، رجال التعليم، رجال الأعمال، الأئمة والخطباء، وشيوخ القبائل ما يشبه (مطبخ الأفكار والمشاريع). ضجيج التفاؤل والحماس قدم الأمير خالد الفيصل إلى منطقة مكةالمكرمة قبل أربعة أعوام قبل صدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالتجديد له، جاءها بخبرة تنموية نادرة جمع فيها (الإنسان والمكان)، وليجعل هذه الأخيرة واحدة من المرتكزات الأساسية في الخطة التنموية للمنطقة. ولأنه صاحب فكر منهجي ومؤسسي، فضل أن يبدأ من نقطة الصفر تقريبا، تلك النقطة التي تقتضي الدراسات والبحث والتقصي، استعدادا لرسم خطة التنمية، لمنطقة أحبها كثيرا، فهي مكان ولادته ومهد طفولته، فمكة شهدت مولده، والطائف مكان دراسته فيها حتى الثانوية. لكن الأمير خالد الفيصل وهو يعد ويدرس ويجتمع، وجد أن نقطة البداية الحقيقية للتنمية في المنطقة، تكمن في إنسانها، الذي اكتشف أنه بحاجة إلى ثقافة جديدة تحل محل تلك التي شاهدها ولمسها وشاهدها في أعينه، فدق في أعماق ذاك الإنسان ثقافة التفاؤل قبل أن تدق المعدات أول (حفر المشاريع التنموية)، ونجح إلى حد كبير، فأصبح حلم ذاك الإنسان أن يصحب أمير منطقته إلى مسمى (العالم الأول) الذي أطلقه له. وبعد أن تأكد للأمير خالد الفيصل أن إنسان المنطقة بات جاهزا ل (العالم الأول)، وجد أن المرحلة الثانية تقتضي أن يكون شريك الدولة في التنمية، فخصه من وقته في مجلسه الخاص وأنصت إليه ودون ملاحظاته، وشارك معهم في ورش عديدة تخص مشاريع المنطقة في شتى الجوانب، ليشعره بجدية العمل ويبث فيه الحماس والنشاط وصولا إلى (القوي الأمين) الذي ينشده. ولأنه مبادر يطارد الأفكار الخلاقة المبدعة ويقتنصها، أصر الأمير خالد الفيصل على أن تكون المبادرات أسلوبا جديدا، فالباب مفتوح لكل مشروع يخص الإنسان، وكان هو المبادر الأول، ووضع مشروع مراكز الأحياء أول نقطة إنطلاق، وكم كان سعيدا وهو يرى وتيرة التفاعل مع مبادرته، إذ أعلن في مجلسه عن قرب الانتهاء من مشاريع عدة في مكةوالطائفوجدة وحتى القنفذة. والأكيد أن تلك المشاريع التي أعلن عنها أمامه، ستكون تحت عين رقابته، فأمير منطقة مكةالمكرمة يجد أن الالتزام بالوقت في التنفيذ (خطا أحمر) يجب أن يتقيد به الجميع، حتى أنه وجه لوما لجهة حكومية، أزالت بالخطأ (ساعة التوقيت) على أحد المشاريع في جدة، وجه لها خطابا رسميا (لماذا اختفت ساعة توقيت المشاريع)؟ ألا تعلمون أن خالد الفيصل هو صاحب قرار وضع الساعة الرقمية التي تشاهدونها مثبتة أمام جميع المشاريع التي يجري إنشاؤها في مدينة جدة؟ وإذا لم تروها يوما، فبادروا إلى إبلاغه فورا، وسترون ردة الفعل. أمير الحج في مناسبة افتتاح سوق عكاظ في محافظة الطائف، أعلن الأمير خالد الفيصل مشروعا طموحا أسماه «ثقافة الضيافة الإسلامية»، وقال: إنه يدرس حاليا وتستعد إمارة المنطقة مع جهات حكومية أخرى لإطلاقه العام المقبل. مشروع «ثقافة الضيافة الإسلامية» ووفقا لعناوين المشروع التي أعلن الأمير خالد الفيصل، تمثل محصلة لفكره ومنهجه في التعاطي مع الحج، وهي نظرة تتسق تماما مع نظرة قيادة بلاده، والتي يحصل فيها على دعم خاص دوما حينما يتعلق الأمر بمكةالمكرمة مهبط الوحي ومهوى الأفئدة، وآخرها مشروع إعمار مكةالمكرمة. تلك النظرة ترى أن رحلة الحج في مضمونها تعبدية وسلوكية وترتبط بها جوانب تنموية وإدارية واجتماعية، ولذلك حمل الأمير ومعه إمارة المنطقة على عاتقه مسؤولية أن تمضي رحلة الحج آمنة ويسيرة بشراكة جماعية بين القطاعات الحكومية والمؤسسات الخاصة والمواطنين والمقيمين والحجاج في عمل تكاملي، ولن تنجح رحلة الحج دون تكامل جهود جميع هؤلاء الشركاء. الحج أيضا في سياق الفكر ذاته، يتسق مع الأساس التنموي للمنطقة وإنسانها (تنمية الإنسان والمكان)، وللمسؤولية الدينية والإدارية والإنسانية الملقاة على عاتقه في الإشراف على مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة، وتأمين سلامة وراحة حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين والزوار. ولأن خدمة الحجاج شرف ومسؤولية، شرف لأبناء المملكة الذين خصهم الله عز وجل بذلك، فإن الأمير خالد الفيصل يؤكد أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده يوليان تطوير الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن اهتمامهما ليتمكنوا من أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة، مشددا على أن ما تقدمه المملكة من خدمات للحجاج هو نابع من استشعارها لواجبها تجاه قاصدي بيت الله الحرام، قائلا: إن هذه الخدمة شرف عظيم للمملكة حكومة وشعبا، ويكفينا فخرا واعتزازا أن اللقب الذي اختاره ملك هذه البلاد خادم الحرمين الشريفين، وكلنا أتباع هذه القيادة في حمل هذا الشرف العظيم لخدمة الحجاج والمعتمرين. مشاريع ومشاريع يتحدث الأمير خالد الفيصل بثقة وتفاؤل وحماس عن مشروع خادم الحرمين الشريفين لإعمار مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة، انطلاقا للرؤية المنهجية التي يتبناها، فهو يرى أن هذا المشروع يتناول تطوير مكةالمكرمة كوحدة متكاملة منسجمة الأجزاء، مراعيا عوامل الزمان والمكان والحركة والسكان، لافتا إلى أن الحج والعمرة ليسا جزئيات منفصلة يمكن تصحيح بعضها باستقلال عن الآخر، بل رحلة إيمانية تمثل نسيجا متكاملا مترابطا يبدأها الإنسان من بلاده مرورا بكل تفاصيل الحياة في مكة والمشاعر وصولا إلى بلاده. ويلفت إلى أن المشروع انطلق من توجيه خادم الحرمين الشريفين ورؤيته لما يجب أن تكون عليه العاصمة المقدسة في جوانب حركة زوارها وتنقلاتهم، مشددا على رغبته في أن يتعدى المشروع جانب الإعمار والبنيان ليدخل في صميم ضيافة زوار العاصمة المقدسة، وأن يسانده مشروع وعي وثقافة وطريقة حياة؛ لتقديم ضيافة إسلامية خليقة بأكرم ضيوف على نفوس السعوديين، مع إشراك أبناء مكةالمكرمة رجالا ونساء وأطفالا وشيوخا في مشروع ضيافة إسلامية شامل لكل شؤون الحياة، ويتمنى الأمير خالد الفيصل أن ينتهي المشروع في وقت قياسي، مؤكدا في الوقت ذاته القدرة على تحقيق ذلك بتوافر الإرادة القوية والإدارة الاحترافية، مفيدا أن الوقت لا يزال متوافرا، لكنه ليس بطويل، مطالبا بالاعتماد على الدراسات المحترفة المتوافرة، والإمكانات المتاحة في العمل، متوقعا أن تكتمل المراحل الأولى من تنفيذ المشروع خلال السنوات الأربع المقبلة بالتزامن مع توسعة خادم الحرمين الشريفين الشمالية للحرم المكي الشريف، وباستكمال منظومة شبكات الطرق الدائرية (الأول، والثاني، والثالث، والرابع)، وفتح محاور الحركة الإشعاعية، إضافة إلى تطوير بعض الأحياء العشوائية في مكةالمكرمة، التي تمر بها تلك المحاور. الإنسان المكان لا يقتصر الأمر لدى الأمير خالد الفيصل في التعاطي مع الحج من زاوية المشاريع التوسعية التي تصب في حسم جميع العقبات التي تعترض تقديم الخدمة الأفضل لضيوف الرحمن، بل ينظر أيضا إلى التعاطي مع الحاج، إيمانا منه بتكامل الإنسان مع المكان، فهو يطالب العاملين في مختلف القطاعات الحكومية المعنية بالحج، وجميع المواطنين، بأن يدركوا أن جميع كل ما تبذله الدولة من جهود، سواء في تنفيذ المشاريع الضخمة أو في تطوير الخدمات في مكةالمكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة هو أداء لنصف هذه المسؤولية. ويشدد الأمير خالد الفيصل على أن النصف الآخر للصورة تكمله المعاملة الحسنة التي يلقاها الحاج منذ لحظة وصوله إلى المملكة وحتى مغادرته أراضيها إلى بلاده سالما غانما مغفور الذنب بمشيئة الله عز وجل، سواء في وسائل النقل المختلفة التي تنقله برا وبحرا وجوا من بلاده إلى الأراضي المقدسة، أو في المطارات والموانئ والطرق البرية، أو في مقر سكنه، وخلال أدائه لنسكه وشعائره، أو في المستشفيات ومراكز الشرطة والجوازات، وفي غيرها من المرافق الخدمية التي يمر بها الحاج. وخاطب المسؤولين في لجنة الحج المركزية التي يرأسها قائلا: «أرجو من الجميع أن يدركوا أن كل تقصير أو خلل ينعكس سلبا ليس على المقصر أو المسؤول عن الخلل وحده، وإنما على المملكة وطنا وحكومة وشعبا، وأرجو من الجميع أن يدركوا أيضا أن أي تقصير أو تهاون أو خلل في خدمة الحجاج لن يكون مقبولا لا عند ولاة الأمر وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وولي عهده ولا عندي شخصيا، وسيحاسب المقصر أو المتهاون بشدة وحزم، ومن يسئ للحاج فإنما يسيء لقيادة هذا الوطن وشعبه الكريم، وقبل ذلك وبعده يسيء لنفسه». حملة الحج نجح الأمير خالد الفيصل وفريق إمارة منطقة مكة خلال الأعوام الماضية في بناء خبرة متراكمة حيال تغييب مجموعة من الظواهر السلبية التي تشهدها مواسم الحج، والمؤثرة على الصورة الحضارية الحقيقية للإسلام والفرد المسلم، وتعوق انسياب حركة الحجاج، وتضر بصحتهم وسلامتهم، ومن أبرز هذه الظواهر السلبية: الحج من دون تصريح، الافتراش في طرقات المشاعر المقدسة، حملات الحج الوهمية، عدم المحافظة على نظافة المشاعر المقدسة. وتبعا لذلك، دعم الأمير خالد الفيصل إطلاق حملة توعوية تحت مسمى «الحج عبادة وسلوك حضاري»، هذه الحملة التي تدخل عامها الرابع، تهدف إلى توعية الحجاج والمواطنين والمقيمين عبر وسائل الإعلام المختلفة، وتعريفهم بمسؤولياتهم تجاه تعظيم البلد الحرام واستشعار قدسيته، وتجاه الحجاج القادمين من جميع أرجاء العالم طالبين رضوان ربهم ومغفرته، وضرورة احترام الجميع للأنظمة والتعليمات الصادرة من حكومة المملكة. تنطلق الحملة من محور مهم، يقول عنه الأمير خالد الفيصل «كما على قيادة وحكومة وشعب المملكة التزامات ومسؤوليات تجاه الحجاج في تقديم أفضل الخدمات التي تيسر لهم أداء شعائرهم في يسر وطمأنينة، فعلى هؤلاء الحجاج التزامات ومسؤوليات تجاه المملكة قيادة وحكومة وشعبا، في الالتزام بالأنظمة والتعليمات الصادرة منها». ويؤكد القول: «إن جميع الأنظمة والتعليمات الصادرة من القطاعات الحكومية المعنية بخدمة الحجاج، تهدف أولا وأخيرا إلى التيسير على الحجاج وإلى جعل حجهم أكثر روحانية وسلامة وأمنا، ونأمل أن يمتثل الحاج والمواطن والمقيم بوعيه وشعوره الذاتي بالمسؤولية، تجاه ربه أولا ثم تجاه إخوانه الحجاج، وتجاه هذه البلاد التي تبذل الغالي والنفيس لإنجاح موسم الحج، ومن يلتزم بطوعه فستردعه الإجراءات المشددة والعقوبات الحازمة». يجزم الأمير خالد الفيصل، أن حملة الحج بدأت تعطي نتائجها، بالنظر إلى النتائج الميدانية والدعم الشرعي الذي تلقته، مراهنا في الوقت نفسه على مبدأ تعزيز الظواهر الإيجابية المتمثلة في الفهم الحقيقي والواعي لمعاني فريضة الحج، القائمة على الوقوف بخشوع وطمأنينة أمام الله عز وجل، والوحدة والتآخي بين المسلمين واجتماع شملهم، وحسن معاملة بعضهم لبعض، والمساواة بينهم بلا تمييز بغض النظر عن الجنس واللون أو العرق، طالما توحدوا جميعا في زيهم الأبيض.