لست مع الذين ينسبون كل نقيصة إلى الشباب وفي الوقت نفسه ينسبون كل فضائل الأخلاق من مروءة وحسن خلق وتأدب مع كبار السن إلى جيلهم والأجيال التي قبلهم، معتمدين في أحكامهم على التعميم الجائر وعلى بعض الصور المساندة لرأيهم في الجيل الحالي وفي الجيل السابق، لأن واقع الأمر أن الخير موجود في كل جيل وكذلك الشر، وأن المفاهيم الأخلاقية نفسها قد يطرأ عليها بعض التغيير بسبب التحول الحضاري والنمو السكاني والانفتاح الإعلامي والثقافة السائدة، وبذلك تولد مفاهيم أخلاقية جديدة ملائمة للعصر، فلا تعجب تلك المفاهيم رجال أو نساء عاشوا في عصر آخر، وفي جميع الأحوال فلا يمكن لإنسان عاقل الحكم على جيل كامل بالصلاح أو على جيل أتى بعده بالفساد، لأن من يقول بهذا الرأي إنما يتهم أبناءه وإخوانه الأصغر سنا منه أو أحفاده إن كان المتحدث من الذين لهم بنين وحفدة، يتهم هؤلاء وغيرهم من أندادهم بالفساد بل يتهم نفسه لأنه عجز عن تربية بنيه وحفدته التربية الصالحة التي يتغنى بأنه وجيله كانوا عليها، وذلك يعني إن صدق أن والده وجده قد نجحا في تربيته وإعداده للحياة بينما فشل هو في القيام بذلك الدور، فكان الناتج ما يشكو منه هو وأمثاله من تصرفات طائشة صادرة عن الشبان، وكأن الأجيال السابقة في غاية الكمال والجمال، وأذكر أنني عندما كنت صغيرا في العاشرة من عمري فإن مما كان يصل إلى سمعي من أحاديث مجالس بعض رجال الحارة، أحاديث تذمر من جيلي من الفتيان ومن يكبرنا في العمر قليلا، وأنهم لا يوقرون كبيرا ولا يرحمون ضعيفا أو صغيرا، وكان الواحد من أولئك «اليابات» يتنهد حسرة على جيله والأجيال التي قبله لما افتقده في صغار الحارة من أخلاق حميدة كانت موجودة في من سبقهم، مع أن بعض أولئك «اليابات» لا يفوته فائت ولا أرز بائت!، واليوم وقد بلغ جيلي الستين من عمره وهو الجيل المتهم بالطيش وسوء الخلق ممن قبله نرى الاسطوانة تتكرر من بعضنا نقدا لجيل هذه الأيام وتقليلا من شأنه وهجاء لأخلاقه وتعامله، والمتوقع أن شباب وفتيان هذه الأيام سوف يلوكون الأحاديث نفسها عندما يصبحون كهولا وشيوخا، ولو راجعت نصوصا تاريخية أدبية لكتاب عاشوا قبلنا بمئات السنين لوجدت أن كل جيل يشكو من فساد أخلاق الجيل الذي بعده وهكذا حتى تقوم الساعة؟!. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة