تقدم السودان بشكوى جديدة إلى مجلس الأمن الدولي ضد حكومة جنوب السودان يتهمها بدعم المتمردين في ولاياته الحدودية التي تشهد معارك، وذلك بعد أربعة أشهر من استقلال جوبا عن الخرطوم، بحسب وسائل الإعلام الحكومية السودانية. وذكرت وكالة الأنباء السودانية الرسمية أن السفير السوداني لدى الأممالمتحدة دفع الله الحاج علي عثمان قدم معلومات مفصلة ومؤكدة توضح دعم حكومة الجنوب للمتمردين في جنوب كردفان والنيل الأزرق، في إشارة إلى الولايتين الواقعتين إلى الشمال مباشرة من الحدود بين البلدين. وهي المرة الثانية التي تتقدم فيها الخرطوم بشكوى لمجلس الأمن منذ استقلال الجنوب في يوليو، ما يعكس هشاشة العلاقات بين طرفي الحرب الأهلية السابقة. وفي الرسالة التي رفعتها الخرطوم، اتهمت حكومة الشمال حكومة جنوب السودان بدعم المتمردين في ولاية النيل الأزرق عبر تقديم صواريخ مضادة للطائرات، دبابات، ألغام، مدافع وذخيرة، فضلا عن توفير كتيبة مشاة لتعزيز التمرد في بلدة الكرمك. وكانت القوات المسلحة السودانية اجتاحت الخميس بلدة الكرمك التي تعد معقلا للمتمردين في النيل الأزرق والواقعة على الحدود مع أثيوبيا، والقريبة أيضا من جنوب السودان، بعد نزاع دام شهرين في الولاية المنقسمة سياسيا. كما اتهمت الرسالة التي تسلمها رئيس مجلس الأمن، جنوب السودان بتوفير الملاذ لعدد كبير من المتمردين الذين فروا من النيل الأزرق جنوبا عبر الحدود إلى بلدة الرنك. يذكر أن ولاية النيل الأزرق وولاية جنوب كردفان القريبة ترتبطان بعلاقات تاريخية قوية بالجنوب، وكانتا ساحتي قتال رئيسيتين خلال الحرب الضروس التي دارت ما بين عامي 1983 و2005 بين الخرطوم والجيش الشعبي لتحرير السودان، وهو جيش المتمردين الجنوبيين السابقين الذي أصبح الآن الجيش النظامي لجنوب السودان. وفي تلك الأثناء أوضح متحدث بلسان المتمردين في جنوب كردفان أن اشتباكات عنيفة وقعت الجمعة في منطقة الحمرا على مسافة خمسة كيلومترات جنوبي كادوقلي عاصمة الولاية. وقال المتحدث قلمان دلمار: دمر الجيش الشعبي أربع دبابات جديدة وعددا كبيرا من الآليات العسكرية، مضيفا أن الجيش السوداني يقصف القرى في أنحاء الولاية. وحذر المراقبون من أن القتال في الولايتين الحدوديتين يهدد بدفع البلدين إلى حرب شاملة وإلى نسف المحادثات التي تجري بين الخرطوموجوبا لتسوية قضايا رئيسة ما زالت عالقة بينهما، بينها قضايا ترسيم الحدود وإدارة القطاع النفطي. كما نفى جيش جنوب السودان أي تورط في القتال الذي يدور إلى الشمال من حدوده، رغم الصلات التاريخية التي تربط الجنوب بالمتمردين إلى الشمال من حدوده مباشرة. وكانت الموجة الأخيرة من القتال بدأت في الولايات الحدودية السودانية منذ يونيو مع تحرك جيش الخرطوم لنزع سلاح المقاتلين من قبائل النوبة في جنوب كردفان غير الخاضعين لسيطرتها، حيث تحركت الخرطوم لتأكيد سيطرتها على مناطق حدودها الجديدة، وهو القتال الذي امتد إلى ولاية النيل الأزرق بعد ثلاثة أشهر من بدئه. وتثور مخاوف من تردي الأزمة الإنسانية بسبب القتال مع نزوح أعداد ضخمة من المشردين وطرد الحكومة السودانية لوكالات الإغاثة الدولية من الولايتين. كما يبدو أن القتال أدى إلى تردي الوضع الأمني في الجنوب من الحدود حيث وقعت اشتباكات الأسبوع الماضي بين الجيش الشعبي الجنوبي من ناحية وميليشيا متمردة عليه في ولاية الوحدة الجنوبية الغنية بالنفط، والتي تقع عبر الحدود إلى الجنوب مباشرة من ولاية جنوب كردفان الشمالية، وهو القتال الذي أسفر عن مقتل 80 شخصا حسب مسؤولي الولاية.