ماذا كان يقصد أحدهم حين قال بهمس: «احذري أن تصدقي بريق النجوم، بعضها ليست فسحة سماوية، كما تعتقدين!». راكضا مثل طائر أفقدته رصاصة طائشة صوابه، فنسي أنه يملك جناحين مفضلا أغرب طريقة للركض بين الممرات، دخل علي المكتب كأنه يريد قول شيء مهم. لكنه فجأة تدارك أمرا آخر، وأخذ ما لم يعطه بعد إلى المكتب المجاور. «ربما أخطأ في العنوان» قلت في نفسي، ومضيت في انغماسي بين الأوراق. عاد ثانية بأمر عاجل، تركت الأوراق فزعة، ولحقته إلى مكتبه كما أمر. في خضوع ماكر، تركته يكمل حديثا أحادي الطرف، ثم وجدتني أبحث عن سبب، أقصد عن حل لمشكلة لا أعرف عن أبعادها سوى أنني صاحبة حظ غريب، في مكان كهذا كل صباح.. وفي مزاج كهذا كل يوم. حين ينصرف الوقت إلى لحظة عامرة تتسع للاسترخاء، يخرج من مكتبه كقائد كتيبة في جزيرة بركانية، يهمه ردع الفوضى أكثر من أمر البركان الذي يتمثل في سبب الفوضى الحقيقي. لكن ولأمر لا أفهمه كنت أحب أسلوبه الشرس في قض هدوء المكان، بما فيه، كما لو كنت قد ضجرت من بلادي النائمة في سلامها التام، إلى قلق لا لون له. أعرف حالة بلادي في عقلي الظاهري، فلا خريطة تخلو من حدود تحرسها البنادق، لكنها مليئة بالحدود البسيطة من الداخل، تحرسها البنادق أيضا، هكذا من باب العادة. سقطت الورقة، لماذا سقطت ؟ لأني كنت أتعثر بين المحاولات، فكيف أقيس الوجهة، في ذات اللحظة التي يظهر فيها خالد، ثم يريق أسئلة أمام وجهي، الغامض فعليا. يتبعثر في المكان ضوضاء النائمين في كتاب تصنيفه، تتراكض الأطياف.. يتبعها سعال متواتر.. الغريب أني كنت أتحرق شوقا لمعرفته، فلم أكن لأعرف..حتى توالت تلك العثرات التي تشبهني في الطور. وعرفت أن أهم النقاط التي تجمع الآخرين به هي قصاصات من الجرائد، مزحة طائشة، وعثرة بيضاء.. في سجل الجميع. منى مرسل