من يجهل خبايانا نحن السعوديين، ربما يثير دهشته كل هذا التفاعل من المواطنين، وكل هذا القلق، وكل هذا الحب، ثم كل هذا الحزن لوفاة الأمير «الأمير» سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله، فهو في ثقافات هؤلاء الغير «رجل دولة» ورمز من رموز سيادتها، وهو كذلك. إلا عندنا حيث هو جزء من كل عائلة، وهو فرد من كل عائلة، وجزء فاعل ونشط هميم فيها، تجده ركنا ركينا ، يسندها في ساعة الجد حين تناديه، فتجده أقرب إليها مما كانت تظن، لقد خبرت ذلك بنفسي، ولم أسمعه من أحد، رغم تواتر الحكايات والقصص والأخبار التي لا تحصى عن «قدم الخير» التي يجد الناس آثارها في كل زاوية من مناطق المملكة الشاسعة الواسعة. طرفا من ذلك حكيته من قبل عند محنة مرض والدي (أطال الله عمره ومتعه بالصحة والعافية)، وكيف أن «تاج رأسي» الأمير سلطان، ومن مكالمة هاتفية واحدة، امتدت يده (رحمه الله ممدودة لفعل الخيرات) مستجيبة لندائنا الجزع، بسرعة أربكتنا نحن أصحاب الوجع المقربين، حتى أصبحنا نحن من نركض وراء تعليمات وإجراءات الأمير المتسارعة أمامنا لإنقاذ الوالد، على العكس مما يحدث في الأحوال العادية، حيث عليك أن تلهث لتعثر عليها وتقودها. وفي كل هذا كانت كلمات الأمير تبعث الطمأنينة في نفوسنا، وتهدئ من روعنا، بلسما شافيا في قلوبنا الجزعة، يتصل بنفسه وهو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران، مطمئنا على سير الإجراءات لعلاج الوالد، وداعما لنفوسنا الخائفة، رغم تسليمها بقضاء الله وقدره، ولكنه ضعف البشر، الذي يستعان عليه بالصبر والاحتساب. حين يشعر مواطن عادي مثلي بهذا القدر من تفاعل قيادته وولاة الأمر معه، و يستشعر كل هذه الرعاية، ويشعر بأنه في كنف من يهتمون بتفاصيل حياته وكأنه الابن الوحيد الأثير عندهم؛ ماذا يمكن أن يشعر بغير الحب يملأ قلبه لقيادته، والولاء الصادق المخلص لهم، ويفيض هذا الولاء وهذا الحب ليشمل الدولة كلها، شعبا وأرضا وسماء. الآن هل علمت كيف يمكن أن يكون حب القائد لشعبه منهجا في التربية الوطنية؟. وكيف يعزز هذا الحب من الحس الوطني ؟. لقد علمنا حبهم حب الوطن والولاء لهم، وله. وما عرف الناس مثل «سلطان» وجها سمحا باسما بشوشا، وطلة تشيع الطمأنينة في النفوس . اللهم اغفر لعبدك سلطان وارحمه وعافه واعفو عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس يا أرحم الرحمين إذا أحب الله يوما عبده ألقى عليه محبة في الناس إنه سلطان *أكاديمي وكاتب سعودي wwwbinsabaan.com