خصب طاهر أنت أيها الوطن، طهرك في رجالك، وخصوبتك في احتضانك الأساس المؤسس على عقيدة توحيد راسخة، تسيّجها قيم إنسانية ضاربة في عمق الإنسان والمكان، والمنتج لصناديد الرجال الذين صنعوا عهودا ومواثيق شرفت تاريخ الأمة وظلت وستظل نبراسا في صناعة الرجال وتنمية الأجيال على أرضية صلبة آمنة مستقرة، بقامات شامخة أصحابها ذوو أياد بيضاء تنشر الخير وتنسج الوفاء وتحافظ على راية خضراء يتفيؤها المجتمع بأطيافه وشرائحه كافة. وإن فقدت البلاد بالأمس، في مصاب جلل، أحد هذه القامات صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد، ورغم ما تنوء به القلوب من حزن، غير أن ما قدمت يد هذا الرجل من الإسهام في بناء الدولة والإنسان مع جود وأريحية بالخير الذي سيبقى مأثرا عظيما للفقيد، إنما يمثل عزاء ويخفف من وقع المصاب، على أن إحصاء مآثر سلطان بن عبد العزيز إنما يخلق تزاحما في ذهن الراصد، وقد تعدى عطاؤه الحدود ليكتسب بعدا إقليميا، إسلاميا، عربيا، ودوليا طالما قوبل بالإعجاب بشخصيته، واحترام ما قدمت يداه ليس للمن ولكن لقناعة تبتغي مرضاة الله. ولا يمكن لفاحص في أعمال ومآثر الفقيد أن يتجاوز ما قاله الملك الراحل خالد بن عبد العزيز يرحمهما الله: «سلطان أعاننا على نفسه»، وهي المقولة التي تشرح أن الملك قد لا يكون مضطرا لتوجيه الأمير سلطان لعمل شيء ما، فتجده من تلقاء نفسه قد ترجم ما يفكر فيه ولي الأمر على أرض الواقع، فسلطان سريع البديهة، ويتبصر ما يطلبه الملوك، وهو الأمير الذي ساندهم حتى لحظة رحيله إلى دار الخلود عضدا أيمن لأخيه الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي قدم أمس أنموذجا متفردا في الوفاء، فكان أول من نعى سلطان بن عبد العزيز أخا ووليا للعهد ومواطنا. إن ما يغبط به المرء عند الحديث عن الأمير سلطان بن عبد العزيز يرحمه الله، أنه دائماً يسير لصالح العلم النافع، وما يلفت النظر بقوة في شخصيته ذلك النبل الدافق لديه في البذل والمبادرة في سبيل الخيرات، متميزا بقلب نقي وابتسامة صافية وأذن ذكية صاغية. حري بأعماله كما أدخلته التاريخ أن تحسب عند الله حسنات كفتها راجحة في الميزان بإذن الله. لله ما أعطى ولله ما أخذ، عسى المولى أن ينعم عليك سلطان بالجزاء الحسن وجنات النعيم. إنا لله وإنا إليه راجعون.