يتبادر إلى الذهن عند ذكر كلمة «البادية» معنى الصحراء القاحلة الشديدة القسوة، بمساحاتها الواسعة المرتبطة بالترحال والتنقل بحثا عن الماء والكلأ، وغالب الظن أن ما يتبادر إلى الذهن أيضا، أن غير الرجال لا يمكنهم تحمل مشقة العيش في البادية وصحاريها، لكننا في جولة ل«عكاظ الشباب»، عثرنا على نساء من البادية يضطلعن بمهمات كثيرة ومنها مهمات للرجال أيضا، ولفت انتباهنا أن المرأة في البادية تقود السيارة منذ صغر سنها لمساعدة ذويها في الحل والترحال، ومن أجل رعي الماشية ومتابعتها وإيصال الأعلاف لها، ذلك إلى جانب المهمات المنزلية الأخرى. تقول أم طلال (45 عاما) «المرأة البدوية ما زالت حتى اليوم تقود السيارة وتجوب بها الصحارى وتتابع أعمالها للحاق بالماشية وجلب الأعلاف والماء لها، كما أنها تساعد أهلها عند الرحيل من مكان لآخر بقيادة السيارات ناقلات المياه، ونقود السيارات يوميا في الصحراء الواسعة دون مضايقة من أحد». وتحدثت أم خالد أيضا (35 عاما) قائلة «تعلمت القيادة منذ سن صغيرة أنا وأخواتي الخمس، حيث ليس لنا أخ، ولذلك نعمد إلى مساعدة والدنا المسن بجلب الأعلاف للماشية ومتابعتها». فيما أضافت أم فيصل وهي في الخامسة والخمسين من العمر، والأرملة منذ سبع سنوات «بعد وفاة زوجي وذهاب ابني الوحيد فيصل إلى تبوك مقر وظيفته، لم يتبق عندي سوى بناتي وأنا أصبحت كبيرة في السن وغير قادرة على مشاغل الحياة، فتولت ابنتي المهمات التي كان يؤديها ابني فيصل ومنها قيادة السيارة ومتابعة الماشية واللحاق بها وإحضار العلف من السوق، ومساعدتنا في ما نحتاجه، وعلى هذه الحال أمورنا ولله الحمد على أحسن ما يرام». حاولت في كافة هذه اللقاءات تصويرهن وهن يقدن سياراتهن، لكنني ووجهت بتهديدات عدة، منها أن إحداهن قالت لي متوعدة «والله لاكسرها على راسك إن صورتني!».